الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
5884 - وعن عوف ، عن أبي رجاء ، عن عمران بن حصين رضي الله عنهم ، قال : كنا في سفر مع النبي فاشتكى إليه الناس من العطش ، فنزل ، فدعا فلانا - كان يسميه أبو رجاء ونسيه عوف - ودعا عليا ، فقال : ( اذهبا فابتغيا الماء ) . فانطلقا ، فتلقيا امرأة بين مزادتين أو سطيحتين من ماء . فجاءا بها إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فاستنزلوها عن بعيرها ، ودعا النبي - صلى الله عليه وسلم - بإناء ، ففرغ فيه من أفواه المزادتين ونودي في الناس : اسقوا ، فاستقوا قال : فشربنا عطاشا أربعين رجلا ، حتى روينا ، فملأنا كل قربة معنا وإداوة ، وايم الله لقد أقلع عنها وإنه ليخيل إلينا أنها أشد منها حين ابتدأ . متفق عليه .

التالي السابق


5884 - ( وعن عوف ) ، لم يذكره المصنف ولعله من أتباع التابعين ( عن أبي رجاء ) هو عمران بن تميم العطاردي ، أسلم في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم - وروى عن عمر وعلي وغيرهما ، وعنه خلق كثير ، كان عالما عاملا معمرا ، وكان من القراء ، مات سنة سبع ومائة ، ذكره المؤلف في التابعين . ( عن عمران بن حصين قال : كنا في سفر مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فاشتكى إليه الناس العطش ، فنزل فدعا فلانا ) أي : شخصا معروفا ( كان يسميه أبو رجاء ونسيه عوف ) أي : فعبر عنه بفلانا ( ودعا عليا ) ، أي : أيضا ( فقال : اذهبا فابتغيا الماء ) أي : فاطلباه ( فانطلقا ، فتلقيا امرأة بين مزادتين ) : بضم الميم أي : راكبة بين راويتين ، وهي في الأصل لما يوضع فيه الزاد ، ( أو سطيحتين ) : قال القاضي : وهي نوع من المزادة يكون من جلدين قوبل أحدهما بالآخر فسطح عليه ، وقال الجزري : هي أصغر من المزادة ثم قوله : ( من ماء ) . بيان لما فيهما ( فجاء أي : الصحابيان ( بها ) أي : بالمرأة وما معها ( إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فاستنزلوها عن بعيرها ) ، قال الطيبي : الضمير الأول يجوز أن يرجع إلى المرأة أي : طلبوا منها أن تنزل عن البعير ، وقيل : راجع إلى المزادة بمعنى أنزلوها ، واستنزل وأنزل بمعنى ( ودعا النبي - صلى الله عليه وسلم - بإناء ) أي : طلبه ( ففرغ ) : بتشديد الراء أي : صب ( فيه من أفواه المزادتين ) ، فيه إشارة إلى ترجيحها عند الراوي ( ونودي في الناس : أسقوا ) بهمزة قطع مفتوحة وقيل بهمزة وصل مكسورة أي : اسقوا أنفسكم وغيركم ، والمعنى خذوا الماء قدر حاجتكم ( فاستقوا ) أي : فأخذوا الماء جميعهم .

( قال ) أي : عمران ( فشربنا عطاشا ) : بكسر أوله جمع عطشان حال من فاعل شربنا ( أربعين رجلا ) : بيان له ذكره الطيبي وقال شارح : حال من ضمير عطاشا أو شربنا ( حتى روينا ) ، بكسر الواو ( فملأنا كل قربة ) : معنا ( وايم الله ) أي : وايمن الله قسمي لقد أقلع عنها ) : بصيغة المجهول أي : انكفت الجماعة عن تلك المزادة ورجعوا عنها ( وإنه ) أي : الشأن ( ليخيل ) : على بناء المفعول أي : ليشبه ( إلينا أنها ) أي : تلك المزادة ( أشد ملئة ) : بكسر الميم ويفتح وسكون اللام فعلة من الملء مصدر ملأت الإناء ( منها ) أي : من المزادة ( حين ابتدأ ) . أي : النبي - صلى الله عليه وسلم - الآخذ منها . وفي نسخة : ابتدئ بصيغة المجهول أي : الاستقاء والشرب منها ، والمعنى أنها حينئذ كانت أكثر ماء تلك الساعة التي استقوا منها . ( متفق عليه ) .




الخدمات العلمية