الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
5982 - وعن معاوية - رضي الله عنه - قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : ( إن هذا الأمر في قريش ، لا يعاديهم أحد إلا كبه الله على وجهه ، ما أقاموا الدين ) رواه البخاري .

التالي السابق


5982 - ( وعن معاوية ) أي : ابن أبي سفيان ( قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : ( إن هذا الأمر ) أي : أمر الإمارة ( في قريش لا يعاديهم أحد ) ، أي : لا يخالفهم ( إلا كبه الله ) أي : أسقطه ، وفي رواية : إلا كبه الله ( على وجهه ) : والمعنى أذله وأهانه ( ما أقاموا ) ، أي : قريش ( الدين ) ، أي : أحكام دين الإسلام ، ثم ما : مصدرية والوقت مقدر ، وهو متعلق بقوله : كبه الله . قال ابن الملك أي ؟ مدة محافظتهم على الدين وأهله ، وقيل : المراد الصلاة لرواية : ما أقاموا الصلاة ، لكن على هذا إنما يستقيم المعنى إذا علق قوله : ما أقاموا بكبه إلا بأن هذا الأمر في قريش ; لأن منهم من لم يقم الصلاة ولم يصرف عنه الأمر ، كذا قاله التوربشتي ، وفيه دلالة على اختصاص الإمامة بقريش ، وهم بنو النضر بن كنانة ، وجميع بطونها في ذلك بمنزلة واحدة ، ولعل ذلك لعلمه - صلى الله عليه وسلم - أنه يوجد فيهم من هو جامع لأوامر الملك والدين وصالح لأمور المسلمين . وفي شرح الطيبي ، قال المظهري : الخلافة في قريش لا يعاديهم ولا يخالفهم أحد في ذلك إلا أذله الله تعالى ، ما داموا يحافظون الدين اه كلامه .

ويفهم من كلام الشيخ التوربشتي أن قوله : ما أقاموا الدين إذا علق بكبه يستقيم المعنى إذا حمل الدين على الصلاة ، وأما إذا حمل على الدين بأصوله وتوابعها . فلا ، لأن منهم من غير وبدل ولم يصرف عنه الأمر ، وقيل : معنى الحديث لا يخالف قريشا أحد في الأمور المتعلقة في الدين بأن أرادوا نقضه وبطلانه ، وقريش تريد إقامته وإمضاءه إلا أذله الله وقهره . قال الطيبي : واللفظ لا يساعد إلا ما عليه ليظهر وهو أظهر . أقول : الظاهر أن المراد بالصلاة الدين ، وإنما عبر عنه بها لأنها عماد الدين ، ولكونها أم العبادات ، وأنها تنهى عن السيئات أو ذكرها على منوال المثال أي الصلاة ونحوها من أمور الدين والله أعلم . ( رواه البخاري ) وعن المطلب بن عبد الله ابن حنطب عن أبيه قال : خطبنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم الجمعة فقال : ( أيها الناس قدموا قريشا ولا تقدموها ، وتعلموا منها ولا تعلموها ) . أخرجه الشافعي في ( مسنده ) ، وأحمد في ( المناقب ) .

[ ص: 3864 ]



الخدمات العلمية