الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
6057 - وعن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال : إني لواقف في قوم فدعوا الله لعمر وقد وضع على سريره ، إذا رجل من خلفي قد وقع مرفقه على منكبي يقول : يرحمك الله ، إني لأرجو أن يجعلك الله مع صاحبيك ، لأني كثيرا ما كنت أسمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : ( كنت وأبو بكر وعمر ، وفعلت وأبو بكر وعمر ، وانطلقت وأبو بكر وعمر ، ودخلت وأبو بكر وعمر ، وخرجت وأبو بكر وعمر ) . فالتفت فإذا علي بن أبي طالب رضي الله عنه . متفق عليه .

التالي السابق


6057 - ( وعن ابن عباس قال : إني لواقف في قوم فدعوا الله ) أي : القوم ، وفي رواية : يدعون الله . ( لعمر وقد وضع على سريره ) ، جملة حالية من عمر ، والمعنى أنه وضع عمر يوم مات على سريره للغسل وحضره جمع من أصحابه ( إذا رجل من خلفي قد وضع مرفقه ) : بكسر الميم وفتح الفاء ويجوز عكسه ( على منكبي ) : بفتح ميم وكسر كاف ( يقول ) أي : مخاطبا لعمر ( يرحمك الله ) ، وفي رواية : رحمك الله ( إني لأرجو ) : وفي نسخة : إني كنت لأرجو ( أن يجعلك الله مع صاحبيك ) ، أي النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر في القبر أو في الجنة . ذكره السيوطي . قال الطيبي : واللام في قوله : ( لأني ) : تعليل لقوله : أن يجعلك الله مع صاحبيك أي : أرجو أن يجعلك معهما في عالم القدس لأني ( كثيرا ما كنت ) : بزيادة ( ما ) لإفادة المبالغة في الكثرة عكس قوله تعالى : وقليل ما هم قال الطيبي : كذا في " صحيح البخاري " ، وما فيه إبهامية مؤكدة وليس في جامع الأصول لفظة ( ما ) فقوله : كنت خبر إن ، وكثيرا ظرف وعامله كان قدم عليه ونحوه : - قليلا ما تشكرون وفي أكثر نسخ " المصابيح " وقع هكذا لأني كثيرا مما كنت بزيادة ( من ) وليس له محمل صحيح إلا أن يتعسف ، وقال : إني أجد كثيرا مما كنت أسمع . أقول : ويمكن أن يكون ( ما ) موصولة بمعنى ( من ) والمعنى لأني في كثير من الأوقات ممن كنت ( أسمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : ( كنت ) أي : في مكان كذا ( وأبو بكر وعمر ، وفعلت ) أي : الشيء الفلاني من أمور العبادة أو من رسوم العادة ، ( وأبو بكر وعمر ، وانطلقت ) أي : ذهبت أي إلى مكان كذا ، ( وأبو بكر وعمر ، ودخلت ) أي : المسجد ونحوه ( وأبو بكر وعمر ، وخرجت ) أي : من نحو البيت ( وأبو بكر وعمر ) : قيل : دل على جواز العطف على الضمير المرفوع المتصل بلا تأكيد وفصل ، وهو مما لا يجيزه النحويون في النثر إلا على ضعف ، والصحيح جوازه نظما ونثرا كما قاله المالكي ، ونظيره قول عمر : كنت وجار لي من الأنصار ، وكذا قوله تعالى : ما أشركنا ولا آباؤنا فإن كلمة لا بعد العاطف ومع ذلك هي زائدة اهـ . وفي رواية : زاد هنا : فإني كنت لأرجو أن يجعله الله معهما .

[ ص: 3912 ] ( قال ابن عباس : فالتفت ) أي : إلى ورائي ( فإذا ) أي : ذلك الرجل ( علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - ) . وفي نسخة : عنهم . ( متفق عليه ) . وفي رواية لهما عنه : وأنه وضع عمر على سريره فتكنفه الناس ؛ يدعون ويثنون ويصلون عليه قبل أن يرفع . وأنا فيهم ، فلم يرعني إلا رجل قد أخذ بمنكبي من ورائي ، فالتفت فإذا هو علي بن أبي طالب ، فترحم على عمر وقال : ما خلفت أحدا أحب إلي أن ألقى الله بمثل عمله منك ، وايم الله إن كنت لأظن أن يجعلك الله مع صاحبيك ، وذلك أني كنت أسمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : ( جئت أنا وأبو بكر وعمر ، دخلت أنا وأبو بكر وعمر ، خرجت أنا وأبو بكر وعمر ) وإني كنت لأرجو أن يجعلك الله معهما .




الخدمات العلمية