الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
6177 - وعن أسامة - رضي الله عنه - قال : كنت جالسا ، إذ جاء علي والعباس يستأذنان ، فقالا لأسامة : استأذن لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقلت : يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - علي والعباس يستأذنان . فقال : " أتدري ما جاء . بهما ؟ " قلت : لا " ، قال : " لكني أدري ، ائذن لهما " فدخلا ، فقالا : يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جئناك نسألك أي أهلك أحب إليك ؟ قال : " فاطمة بنت محمد " قالا : ما جئناك نسألك عن أهلك قال : " أحب أهلي إلي من قد أنعم الله عليه وأنعمت عليه : أسامة بن زيد " قالا : ثم من ؟ قالا : ثم علي بن أبي طالب " فقال العباس : يا رسول الله ! جعلت عمك آخرهم ؟ قال : " إن عليا سبقك بالهجرة " . رواه الترمذي . وذكر أن عم الرجل صنو أبيه في كتاب الزكاة .

التالي السابق


6177 - ( وعن أسامة قال : كنت جالسا ) ، أي : عند بابه - عليه الصلاة والسلام - ( إذ جاء علي والعباس يستأذنان ) ، أي : يريدان طلب الإذن في دخولهما ( فقالا لأسامة : استأذن لنا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ) ، لعله كان صغيرا إذ ذاك ( فقلت : يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - علي والعباس يستأذنان ) . أي : على الباب ( فقال : " أتدري ما جاء [ ص: 3984 ] بهما " ) ؟ أي : ما سبب مجيئهما ( قلت : لا . قال : " لكني أدري ، ائذن لهما " ) : بهمزة ساكنة وصلا وبإبدالها ياء ( فدخلا ) ، أي : بعد إذنهما ( فقالا : يا رسول الله جئناك نسألك أي أهلك أحب إليك ؟ قال : " فاطمة بنت محمد " قالا : ما جئناك نسألك عن أهلك ) ، أي : عن أزواجك وأولادك ، بل نسألك عن أقاربك ومتعلقيك ( قال : " أحب أهلي إلي " ) ، أي : من الرجال ( " من قد أنعم الله عليه " ) ، أي : بالإسلام والهداية والإكرام ( " وأنعمت عليه " ) ، أي : أنا بالعتق والتبني والتربية ، وهذا وإن ورد في حق زيد ، لكن ابنه تابع له في حصول الإنعامين ( قالا : ثم من ؟ قال : " ثم علي بن أبي طالب " ) : وفي نسخة بدون ثم ، فهذا نص جلي على أنه لا يلزم من الأحبية الأفضلية ، فإن عليا أفضل من أسامة وزيد بالإجماع . قال الطيبي : أي أهلك أحب إليك ؟ مطلق ويراد به المقيد أي : من الرجال بينه ما بعده ، وهو قوله : أحب أهلي إلي من قد أنعم الله عليه ، وفي نسخ المصابيح قوله : ما جئناك نسألك عن أهلك مقيد بقوله : من النساء ، وليس في جامع الترمذي وجامع الأصول هذه الزيادة ، ولم يكن أحد من الصحابة إلا وقد أنعم الله عليه وأنعم عليه رسوله ، إلا أن المراد المنصوص عليه في الكتاب وهو قوله تعالى : وإذ تقول للذي أنعم الله عليه وأنعمت عليه وهو زيد لا خلاف في ذلك ولا شك ، وهو وإن نزل في حق زيد لكنه لا يبعد أن يجعل أسامة تابعا لأبيه في هاتين النعمتين ، وحل ما حل ما من الله تعالى في التنزيل من الإنعام على بني إسرائيل نحو : أنعمت عليكم ، نعم أسداها إلى آبائهم ( فقال العباس : يا رسول الله ! جعلت عمك آخرهم ) ؟ أي : آخر أهلك ( قال : " إن عليا سبقك بالهجرة " ) . أي : وكذا بالإسلام ، فهذا أوجب تقديم الأحبية المترتبة على الأفضلية ، لا على الأقربية ، ونظيره أنه جاء العباس وأبو سفيان وبلال وسلمان إلى باب عمر يستأذنونه فقال خادم عمر بعد إعلامه بالجماعة يدخل بلال ، فقال أبو سفيان للعباس أما ترى أنه يقدم علينا موالينا ؟ فقال العباس : نحن تأخرنا فهذا جزاؤنا . ( رواه الترمذي ) . وروى الديلمي في الفردوس ، عن عائش بن ربيعة : خير إخوتي علي وخير أعمامي حمزة . ( وذكر أن عم الرجل صنو أبيه في كتاب الزكاة ) . أي : حيث قاله - صلى الله عليه وسلم - لعمر في قصة زكاة العباس .




الخدمات العلمية