الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
الفصل الثالث

6230 - عن ابن مسعود عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال اقتدوا باللذين من بعدي من أصحابي أبي بكر وعمر واهتدوا بهدي عمار وتمسكوا بعهد ابن أم عبد . وفي رواية حذيفة : ما حدثكم ابن مسعود فصدقوه ) بدل ( وتمسكوا بعهد ابن أم عبد ) رواه الترمذي .

التالي السابق


الفصل الثالث

6230 - ( عن ابن مسعود عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " اقتدوا باللذين " ) : بصيغة المثنية ، وفي نسخة : الذين بصيغة الجمع ، ولعله للتعظيم أو بناء على أن أقل الجمع اثنان ( " من بعدي " ) ، أي : من بعد موتي أو من بعد الاقتداء بي ( " من أصحابي " ) . أي من جملة أصحابي ( " أبي بكر وعمر " ) ، بدل أو بيان للذين ( " واهتدوا بهدي عمار " ) ، أي سيروا بسيره ، وكان الاقتداء أعم من الاهتداء حيث يتعلق به القول والفعل ، بخلاف الاهتداء فإنه يختص بالفعل ( وتمسكوا بعهد ابن أم عبد " ) أي بوصية ابن مسعود وقوله ، ولذا يختار إمامنا الأعظم روايته وقوله على سائر الصحابة بعد الخلفاء الأربعة لكمال فقاهته ونصح وصيته . قال التوربشتي : يريد عهد عبد الله بن مسعود وهو ما يعهد إليه فيوصيهم به ، وأرى أشبه الأشياء بما يراد من عهده أمر الخلافة ، فإنه أول من شهد بصحتها وأشار إلى استقامتها من أفاضل الصحابة ، وأقام عليها الدليل فقال : لا نؤخر من قدمه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ألا نرضى لدنيانا من ارتضاه لديننا ، ومما يؤيد هذا المعنى المناسبة الواقعة بين أول الحديث وآخره ، ففي أوله : اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر ، وفي آخره : وتمسكوا بعهد ابن أم عبد ، ومما يدل على صحة ما ذهبنا إليه قوله [ ص: 4017 ] ( وفي رواية حذيفة : " ما حدثكم ابن مسعود فصدقوه ) : وهذا إشارة إلى ما أسر إليه من أمر الخلافة في الحديث الذي نحن فيه ، ويشهد لذلك الاستدراك الذي أوصله بحديث الخلافة فقال : لو استخلفت عليكم فعصيتموه عذبتم ، ولكن ما حدثكم حذيفة فصدقوه ، وحذيفة هو الذي يروي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " اقتدوا باللذين من بعدي " ولم أر في التعريض بالخلافة في سنن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أوضح من هذين الحديثين ، ولا أصح من حديث أبي سعيد : " سدوا عني كل خوخة إلا خوخة أبي بكر " - رضي الله عنه - ثم قوله : ( بدل : " وتمسكوا بعهد ابن أم عبد " ) . الظاهر بدل تمسكوا فإن الواو العاطفة لا بد من وجودها على التقديرين . ( رواه الترمذي ) . الرواية الأولى رواها الترمذي من حديث ابن مسعود ، وقال : غريب لا نعرفه إلا من حديث يحيى بن سلمة بن كهيل وهو يضعف في الحديث . والرواية الثانية رواها الترمذي أيضا ، لكن من حديث حذيفة قال : كنا جلوسا عند النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : " لا أدري ما بقائي فيكم . فاقتدوا باللذين من بعدي " وأشار بأبي بكر وعمر " واهتدوا بهدي عمار ، وما حدثكم ابن مسعود فصدقوه " . وقال : حديث حسن نقله ميرك عن التصحيح . أقول : وحديث حذيفة رواه أحمد ، والترمذي ، وابن ماجه - وابن حبان في صحيحه . وفي الجامع الصغير : " اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر " رواه أحمد والترمذي ، وابن ماجه - ثم أورد الحديث الذي في المشكاة وقال : رواه الترمذي عن ابن مسعود ، والروياني عن حذيفة ، وابن عدي عن أنس .




الخدمات العلمية