الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
60 - وعن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إذا زنى العبد خرج منه الإيمان ، فكان فوق رأسه كالظلة ، فإذا خرج من ذلك العمل رجع إليه الإيمان " . رواه الترمذي وأبو داود .

التالي السابق


60 - ( عن أبي هريرة ) - رضي الله عنه - ( قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( إذا زنى ) أي أخذ وشرع في الزنا ( العبد ) أي المؤمن ( خرج منه الإيمان ) أي نوره وكماله أو أعظم شعبه وهو الحياء من [ ص: 132 ] الله تعالى ، أو يصير كأنه خرج ؛ إذ لا يمنع إيمانه عن ذلك كما لا يمنع من خرج منه الإيمان ، أو أنه من باب التغليظ في الوعيد . قال التوربشتي : هذا من باب الزجر والتهديد ، وهو كقول القائل لمن اشتهر بالرجولية والمروءة ثم فعل ما ينافي شيمته : عدم عنه الرجولية والمروءة ، تعييرا وتنكيرا لينتهي عما صنع ، واعتبارا وزجرا للسامعين ، ولطفا بهم وتنبيها على أن الزنا من شيم أهل الكفر وأعمالهم ، فالجمع بينه وبين الإيمان كالجمع بين المتنافيين ، وفي قوله - صلى الله عليه وسلم - : ( فكان فوق رأسه كالظلة ) وهو أول سحابة تظل ، إشارة إلى أنه وإن خالف حكم الإيمان فإنه تحت ظله ، لا يزول عنه حكم الإيمان ، ولا يرتفع عنه اسمه ( فإذا خرج من ذلك العمل ) قيل : أي بالتوبة ( رجع إليه الإيمان ) قيل : هذا تشبيه المعنى بالمحسوس بجامع معنوي ، وهو الإشراف على الزوال ، وفيه إيماء بأن المؤمن في حالة اشتغاله بالمعصية يصير كالفاقد للإيمان ، لكن لا يزول حكمه واسمه ، بل هو بعد في ظل رعايته ، وكنف بركته إذا نصب فوقه كالسحابة تظله ، فإذا فرغ من معصيته عاد الإيمان إليه ، قلت : وفيه إشارة إلى أنه في خطر من الكفر - نعوذ بالله - لأنه صدر عنه ما قد يكون سببا لعدم رجوع الإيمان إليه ؛ ولذا قالوا : المعاصي بريد الكفر . ( رواه الترمذي ) أي تعليقا ( وأبو داود ) وسكت عليه هو والمنذري ورواه الحاكم ، وقال : صحيح على شرطهما ، ووافقه الذهبي .




الخدمات العلمية