الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
652 - وعن مالك - رضي الله عنه - بلغه أن المؤذن جاء عمر يؤذنه لصلاة الصبح ، فوجده نائما . فقال : الصلاة خير من النوم ، فأمره عمر أن يجعلها في نداء الصبح رواه في الموطأ .

التالي السابق


652 - ( وعن مالك بلغه ) وفي نسخة : بلغني ( أن المؤذن جاء عمر يؤذنه ) : بهمزة ويبدل من الإيذان بمعنى الإعلام قاله الطيبي ، وقال ميرك : بالتخفيف أي يعلمه ( لصلاة الصبح ، فوجده نائما فقال : الصلاة خير من النوم ، فأمره عمر أن يجعلها ) : أي : هذه الجملة ( في نداء الصبح : أي : في أذان الصبح فقط ، ولا يجعلها لإيقاظ النائم في غير الأذان . قال الطيبي : ليس هذا إنشاء أمر ابتدعه من تلقاء نفسه ، بل كانت سنة سمعها من رسول الله صلى الله عليه وسلم يدل عليه حديث أبي محذورة في الفصل الثاني ، كأنه - رضي الله عنه - أنكر على المؤذن استعمال الصلاة خير من النوم في غير ما شرع فيه ، ويحتمل أن يكون من ضروب الموافقة كما مر آنفا في حديث ابن عمر : لا تبعثون رجلا ينادي بالصلاة ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يا بلال قم فناد بالصلاة ) .

قلت : هذا الاحتمال الثاني بعيد جدا ; لأن الظاهر من مجيء المؤذن عمر أن يكون في أيام الخلافة ، وهو ينافي الموافقة ، ويبعد عدم وصوله إليه سابقا ، لكن يؤخذ منه أصل التثويب مطلقا على ما عليه المتأخرون ، أو المخصوص بالصبح الذي يدل عليه ظاهرة من النوم مع احتمال أن يكون نوم القيلولة ، أو المخصوص بالخليفة والقاضي والإمام على رأي أبي يوسف ، ثم تحرير الموافقة المتقدمة بأنه أمر المؤذن به أولا ، واستحسنه النبي صلى الله عليه وسلم ، أو المراد بقوله : أمر به صار سببا لأمره عليه السلام والله أعلم .

وأما احتمال أن عمر - رضي الله عنه - لم يبلغه حديث أبي محذورة السابق ، فأمر بذلك اجتهادا فوافق اجتهاده النص على عادته ، كما وقع له في ذات عرق وغيرها ، واحتمال أنه كان بلغه ثم نسيه ، فما جمعه من المؤذن في هذه المسألة تذكره فأمر به فمردودان للزوم أنه كان متروكا من الأذان في المدينة أيام حياته صلى الله عليه وسلم وبعد مماته ، ثم رأيت ما يدل على أن التأويل الأول هو المعول أنه روى الطبراني في المعجم الكبير من حديث حفص بن عمر عن بلال أنه أتى النبي يؤذنه بالصلاة فوجده راقدا فقال : الصلاة خير من النوم ، فقال عليه الصلاة والسلام : ( ما أحسن هذا اجعله في أذانك ) ( رواه ) : أي : مالك ( في الموطأ ) : وقد سبق الاعتراض على المصنف في نحو ذلك .




الخدمات العلمية