الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
656 - وعن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا يسمع مدى صوت المؤذن جن ولا إنس ولا شيء ، إلا شهد له يوم القيامة ) . رواه البخاري .

التالي السابق


656 - ( وعن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا يسمع مدى صوت المؤذن ) أي : غايته وهو صوت مجرد من غير فهم كلمات الأذان ( جن ولا إنس ) تنكيرهما في سياق النفي لتعميم الأحياء والأموات ، قاله ابن الملك . قال ابن حجر : كان سبب تقديم الجن الترقي من الأدنى إلى الأعلى ، وفيه أنه لا يلائمه قوله : ( ولا شيء ) ، والأظهر أن المراد بالجن ما يشمل الملائكة ، وقدم لكثرتهم ، أو لفضيلة أكثرهم على أكثر الإنس ( ولا شيء ) أي : من النباتات والحيوانات والجمادات ، وهو من باب عطف العام على الخاص ، والصحيح أن للجمادات والنباتات والحيوانات علما وإدراكا وتسبيحا ، كما يعلم من قوله تعالى : وإن منها لما يهبط من خشية الله وقوله تعالى : وإن من شيء إلا يسبح بحمده ومن حديثه عليه السلام : ( يقول الجبل للجبل : هل مر عليك أحد بذكر الله ، فإذا قال : نعم ، استبشر ) . قال البغوي : وهذا مذهب أهل السنة ، ويدل عليه قضية كلام الذئب والبقر وغيرهما من الأحاديث والآثار . ويشهد له مكاشفة أهل المشاهدة والأسرار التي هي كالأنوار ; فلا يحتاج إلى ما قاله ابن حجر ; بأن يخلق تعالى فيهما فهما وسمعا ، حتى تسمع أذانه وتعقله ( إلا شهد له يوم القيامة ) قال ابن حجر : أي بلسان الحال بفضله وعلو درجته ، كما أنه تعالى يفضح أقواما ويهينهم بشهادة الألسنة والأيدي والأرجل بخسارهم وبوارهم اهـ .

والمعتمد في المعتقد أن شهادة الأعضاء بلسان المقام لقوله تعالى : وقالوا لجلودهم لم شهدتم علينا قالوا أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء ومنه قوله تعالى يومئذ تحدث أخبارها سيما والدار الآخرة محل خرق العادات ، والعجب منه أنه ذهل وغفل مما كرره في هذا الكتاب أن ما ورد عن الشارع يحمل على ظاهره ما لم يصرف عنه صارف ، ولا صارف هنا كما لا يخفى - فسبحان من لا ينسى - وفيه حث على رفع المؤذن صوته لتكثر شهداؤه . قال الطيبي : وإنما ورد البيان على الغاية مع حصول الكفاية بقوله : " لا يسمع صوت المؤذن " تنبيها على أن آخر من ينتهي إليه صوت المؤذن يشهد له الأولون ، وفيه حث على استفراغ الجهد في رفع الصوت بالأذان ، والمراد من شهادة الشاهدين له - وكفى بالله شهيدا - اشتهاره يوم القيامة فيما بينهم بالفضل والعلو ، فإن الله تعالى يهين قوما ويفضحهم بشهادة الشاهدين ، فكذلك يكرم قوما تكميلا لسرورهم . قال القاضي : غاية الصوت تكون أخفى فإذا شهد من سمع الأخفى كان غيره بالشهادة أولى . ( رواه البخاري ) ، والنسائي ، وابن ماجه ، وأحمد ، قاله ميرك .




الخدمات العلمية