الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
660 - وعن أنس - رضي الله عنه - ، قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم يغير إذا طلع الفجر ، وكان يستمع الأذان ، فإن سمع أذانا أمسك ، وإلا أغار ; فسمع رجلا يقول : الله أكبر ، الله أكبر . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( على الفطرة ) .

ثم قال : أشهد أن لا إله إلا الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( خرجت من النار ) . فنظروا إليه فإذا هو راعي معزى
. رواه مسلم .

التالي السابق


660 - ( وعن أنس قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم يغير ) من الإغارة ( إذا طلع الفجر ) ليعلم أنهم مسلمون أو كفار ، وفيه اقتباس من قوله تعالى : فالمغيرات صبحا صيغة المضارعة تدل على الاستمرار أي : كان عادته ودأبه ، والإغارة : كبس القوم على غفلة وهي بالليل أولى ، ولعل تأخيرها إلى الصبح لاستماع الأذان نقله ميرك ، وكتب تحته : وفيه ولا أعلم ما فيه إلا أن يقال الاستمرار مستفاد من كان ، لا من المضارعة ، والله أعلم . ( وكان يستمع الأذان ) أي : يطلب سماعه ليعرف حالهم به ( فإن سمع أذانا ) وضعه موضع ضميره إشعارا بأن من حقه وكونه من علامات الدين أن لا يتعرض لأهله ( أمسك ) أي : عن الإغارة وتركها ( ولا ) أي : وإن لم يسمع الأذان ( أغار ) من الإغارة ، وهو النهب . قيل : استماعه عليه السلام للأذان وانتظاره إياه كان حذرا من أن يكون فيهم مؤمن فيغير عليه غافلا عن حاله ، وهذا يدل على جواز مقاتلة الكفار ، والإغارة عليهم قبل الدعوة والإنذار ، إلا أن الدعوة مستحبة ، وبه قال الثوري وأبو حنيفة والشافعي وأحمد وإسحاق ومنع مالك من مقاتلتهم قبلها كذا ذكره ابن الملك . ( فسمع ) الفاء فصيحة أي : لما كان عادته ذلك استمع فسمع ( " رجلا يقول : الله أكبر الله أكبر . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( على الفطرة ) أي : أنت أو هو على الدين أو السنة أو الإسلام ; لأن الأذان لا يكون

[ ص: 562 ] إلا للمسلمين ( ثم قال : أشهد أن لا إله إلا الله ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( خرجت ) أي : بالتوحيد ( من النار ) عني بسبب أنك تركت الشرك بالله بذلك القول قاله ابن الملك . وقال الطيبي : إشارة إلى استمرار تلك القوة وعدم تصرف الوالدين فيه بالشرك ، وأما خرجت بلفظ الماضي ، فيحتمل أن يكون تفاؤلا وأن يكون قطعا ; لأن كلامه عليه السلام حق وصدق فنظروا أي : الصحابة ( إليه ) أي : إلى ذلك الرجل ( فإذا هو ) أي : المؤذن ( راعي معزى ) بكسر الميم بمعنى المعز ، وهو اسم جنس ، وواحد المعزى ماعز وهو خلاف الضأن . قاله الطيبي ، وهو بالتنوين ، وقيل بتركه ، وقيل كل ينونونها في النكرة . وقال سيبويه : معزى منون مصروف . وقيل : الألف المحذوف للإلحاق لا للتأنيث . ( رواه مسلم ) قال السيد : وروى البخاري صدر الحديث إلى قوله : " إلا أغار " .




الخدمات العلمية