الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
712 - وعن عائشة رضي الله عنهما ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال في مرضه الذي لم يقم منه : nindex.php?page=treesubj&link=24594_31796_29648 ( nindex.php?page=hadith&LINKID=10357116لعن الله اليهود والنصارى ; اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد ) . متفق عليه .
712 - ( وعن عائشة ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال في مرضه الذي لم يقم منه ) : قال الطيبي : كأنه - عليه السلام - عرف أنه مرتحل ، وخاف من الناس أن يعظموا قبره كما فعل اليهود والنصارى ، فعرض بلعنهم كيلا يعملوا معه ذلك ، فقال : ( لعن الله اليهود والنصارى ) : وقوله : ( اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد ) : سبب لعنهم إما لأنهم كانوا يسجدون لقبور أنبيائهم تعظيما لهم ، وذلك هو الشرك الجلي ، وإما لأنهم كانوا يتخذون nindex.php?page=treesubj&link=24594_28698_31796الصلاة لله تعالى في [ ص: 601 ] مدافن الأنبياء ، والسجود على مقابرهم ، والتوجه إلى قبورهم حالة الصلاة ; نظرا منهم بذلك إلى عبادة الله nindex.php?page=treesubj&link=28695والمبالغة في تعظيم الأنبياء ، وذلك هو الشرك الخفي لتضمنه ما يرجع إلى تعظيم مخلوق فيما لم يؤذن له ، فنهى النبي - صلى الله عليه وسلم - أمته عن ذلك لمشابهة ذلك الفعل سنة اليهود ، أو لتضمنه الشرك الخفي ، كذا قاله بعض الشراح من أئمتنا ، ويؤيده ما جاء في رواية : ( يحذر ما صنعوا ) ، وقال القاضي : كانت اليهود والنصارى يسجدون لقبور أنبيائهم ويجعلونها قبلة ، ويتوجهون في الصلاة نحوها ، فقد اتخذوها أوثانا ، فلذلك لعنهم ، ومنع المسلمين عن مثل ذلك ، أما من اتخذ مسجدا في جوار صالح ، أو صلى في مقبرة وقصد الاستظهار بروحه ، أو وصول أثر ما من أثر عبادته إليه ، لا للتعظيم له والتوجه نحوه ، فلا حرج عليه ، ألا ترى أن مرقد إسماعيل - عليه السلام - في المسجد الحرام عند الحطيم ، ثم إن ذلك المسجد أفضل مكان يتحرى المصلي لصلاته ، والنهي عن nindex.php?page=treesubj&link=28698الصلاة في المقابر مختص بالقبور المنبوشة ، لما فيها من النجاسة ، كذا ذكره الطيبي وذكر غيره أن صورة قبر إسماعيل - عليه السلام - في الحجر تحت الميزاب ، وأن في الحطيم بين الحجر الأسود وزمزم قبر سبعين نبيا ، وفيه أن صورة قبر إسماعيل - عليه السلام - وغيره مندرسة فلا يصلح الاستدلال به .
وقال ابن حجر : أشار الشارح إلى استشكال الصلاة عند قبر إسماعيل ، بأنها تكره في المقبرة ، وأجاب : بأن محلها في مقبرة منبوشة لنجاستها ، وكله غفلة عن قولهم : يستثنى مقابر الأنبياء ، فلا يكره الصلاة فيها مطلقا ; لأنهم أحياء في قبورهم ، وعلى التنزل فجوابه غير صحيح لتصريحهم بكراهة الصلاة في مقبرة غير الأنبياء ، وإن لم تنبش لأنه محاذ للنجاسة ، ومحاذاتها في الصلاة مكروهة ، وسواء كانت فوقه أو خلفه أو تحت ما هو واقف عليه .
وفي شرح السنة : اختلف في nindex.php?page=treesubj&link=1347الصلاة في المقبرة فكرهها جماعة ، وإن كانت التربة طاهرة والمكان طيبا ، واحتجوا بهذا الحديث والذي بعده ، وقيل : بجوازها فيها ، وتأويل الحديث أن الغالب من حال المقبرة اختلاط تربتها بصديد الموتى ولحومها ، والنهي لنجاسة المكان ، فإن كان المكان طاهرا فلا بأس ، وكذلك nindex.php?page=treesubj&link=1352_1353_1354المزبلة والمجزرة وقارعة الطريق ، وفي القارعة معنى آخر ، وهو أن اختلاف المارة يشغله عن الصلاة ، قال ابن حجر : وقد صح أنه عليه الصلاة والسلام نهى عن الصلاة بالمقبرة ، واختلفوا في هذا النهي هل هو للتنزيه أو للتحريم ؟ ومذهبنا الأول ، ومذهب أحمد التحريم ، بل وعدم انعقاد الصلاة ; لأن النهي عنده في الأمكنة يفيد التحريم والبطلان كالأزمنة ( متفق عليه ) .