الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
825 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا أمن الإمام فأمنوا ، فإنه من وافق تأمينه تأمين الملائكة ؛ غفر له ما تقدم من ذنبه " ، متفق عليه .

وفي رواية ، قال : " إذا قال الإمام : غير المغضوب عليهم ولا الضالين فقولوا : آمين ، فإنه من وافق قوله قول الملائكة ؛ غفر له ما تقدم من ذنبه ، هذا لفظ البخاري ، ولمسلم نحوه .

وفي أخرى للبخاري ، قال : " إذا أمن القارئ فأمنوا ، فإن الملائكة تؤمن ، فمن وافق تأمينه تأمين الملائكة ؛ غفر له ما تقدم من ذنبه " .

التالي السابق


825 - ( وعن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا أمن الإمام ) : بتشديد الميم ، أي : قال : آمين ( فأمنوا ) : قال الخطابي : أي قولوا آمين مع الإمام ، ولا يدل على التأخير كما في قولك : إذا رحل الأمير فارحلوا ، يعني : إذا أراد الإمام التأمين فأمنوا معه للرواية الآتية ، وهذا المعنى متعين على مذهبنا ؛ لأنه يسر في آمين ( فإنه ) ، أي : الشأن ( من وافق ) : في شرح السنة قوله : فإن من وافق عطف على مضمر وهو الخبر عن تأمين الملائكة كما صرح به في قوله بعده : إذا أمن القارئ فأمنوا فإن الملائكة تؤمن فمن وافق . الحديث ، نقله الطيبي ، أي : من طابق ( تأمينه ) ، أي : في الإخلاص والخشوع ، وقيل : في الإجابة ، وقيل في الوقت وهو الصحيح ، قال ابن الملك : ويؤيده الرواية الآتية فإن من وافق قوله قول الملائكة ( تأمين الملائكة ) : قيل : المراد الحفظة ، ورجحه ابن دقيق العيد والسبكي وغيرهما ، وقيل : غيرهم ؛ لخبر " من وافق قوله قول أهل السماء " ونقل العسقلاني اختياره عن بعضهم ، لكنه قال : ويظهر أن المراد بهم من يشهد تلك الصلاة من الملائكة ممن في الأرض أو في السماء ، وتأمينهم استغفارهم للمؤمنين .

قلت : الظاهر أنه اختلاف لفظي ، فإن الملائكة هم أهل السماء ، ولو كانوا في الأرض حفظة أو غيرهم ، والظاهر أن تأمينهم على قول المصلي : اهدنا إلخ ، فيكون بمعنى استجب ، أو اللهم افعل ( غفر ) : مجهول ، وقيل : معلوم ، وفي نسخة : غفر الله ( له ما تقدم من ذنبه ) ، أي : من الصغائر ، ويحتمل الكبائر ، ووقع في بعض الطرق زيادة : وما تأخر ، وهي زيادة شاذة لها طرق أخرى ضعيفة ، قال ميرك ، ( متفق عليه ) .

( وفي رواية ) ، أي : متفق عليها ، ( قال ) : أي : النبي صلى الله عليه وسلم ( إذا قال الإمام : ( غير المغضوب عليهم ولا الضالين فقولوا : آمين ) : مدا ، ويجوز قصره ، وفي شرح الأبهري ، قال الشيخ : هي بالمد والتخفيف في جميع الروايات وعن جميع القراء اهـ ، وهو اسم فعل معناه اسمع واستجب أو معناه كذلك ، فليكن ، أو اسم من أسمائه تعالى قاله ابن الملك ، وقال الأبهري : رواه عبد الرزاق ، عن النبي صلى الله عليه وسلم بإسناد ضعيف ، وقيل : معناه اللهم أمنا بخير ذكره الأبهري ، وليس له وجه ظاهر على التخفيف ، وأما آمين بالمد والتشديد فهو خطأ في هذا المحل ، واختلف في فساد صلاة من يقول به ، والأصح عدم فسادها لمجيئه في القرآن في قوله تعالى : ولا آمين البيت الحرام ، أي : قاصدين ، أو لأن معناه أمنا بخير أي قصدنا بخير ، حال كوننا قاصدين طاعتك أو رضاك أو بابك أو سؤالك ، وأما قول ابن حجر ، أي : إذا أراد الإمام أن يقول : " غير المغضوب عليهم ولا الضالين ، فقولوا : آمين ، فغير صحيح ، ( فإنه من وافق قوله قول الملائكة ؛ غفر له ما تقدم من ذنبه " هذا لفظ البخاري ، ولمسلم نحوه ) : بمعناه .

( وفي أخرى للبخاري ، قال ) : أي : النبي صلى الله عليه وسلم ( إذا أمن القارئ فأمنوا ؛ فإن الملائكة تؤمن ، فمن وافق تأمينه تأمين الملائكة ، غفر له ما تقدم من ذنبه ) : وفي رواية أبي داود ، وابن ماجه ، عن أبي هريرة يرفعه : " وكان إذا قال آمين يسمع من يليه من الصف الأول " ، وزاد ابن ماجه : " فيرتج بها المسجد " ، نقله ميرك عن التصحيح ، وروى الطبراني بسند لا بأس به أنه عليه السلام لما قال : " ولا الضالين " قال : " رب اغفر لي آمين " ، وروى أيضا أنه عليه السلام أمن ثلاث مرات ، وروي أنه كان يؤمن سرا .

[ ص: 687 ]



الخدمات العلمية