الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
915 - وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ، قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم في الركعتين الأوليين كأنه على الرضف حتى يقوم ، رواه الترمذي ، وأبو داود ، والنسائي .

التالي السابق


915 - ( وعن عبد الله بن مسعود قال : كان النبي في الركعتين الأوليين ) ، أي : فيما بعدهما ، وهو التشهد الأول من صلاة ذات أربع ، أو ثلاث ، قاله ابن الملك ، ( كأنه ) : أي جالس ( على الرضف حتى يقوم ) : بسكون المعجمة وتفتح وبعدها فاء : جمع رضفة وهي حجارة محماة على النار ، وأما قول ابن حجر : الرضف بفتح أوله جمع رضفة ، وروي بسكون الضاد - فمخالف لما في النسخ المصححة ومضاد لما في القاموس أيضا ، قيل : أراد به تخفيف التشهد الأول وسرعة القيام في الثلاثية والرباعية ، قاله الطيبي : يعني : لا يلبث في التشهد الأول كثيرا ، بل يخففه ويقوم مسرعا كما هو قاعد على حجر حار ، فيكون مكتفيا بالتشهد دون الصلاة ، والدعاء على مذهبنا ، أو مكتفيا بالتشهد ، والصلاة على الدعاء عند الشافعية ، قال ابن حجر : ومنه أخذ أئمتنا أنه لا يسن فيه الصلاة على الأول ، والأظهر ما قاله بعض الشراح أن معناه إذا قام في الركعتين الأوليين يعني : الأولى والثالثة من كل صلاة رباعية ، فهما الأوليان من كل ركعتين تقع الفاصلة بينهما بالتشهد ، وحاصله أن الثالثة هي الأولى من الشفع الثاني ، ويؤيد هذا المعنى حيث قال في الركعتين دون بعدهما ، والله أعلم ، وقال التوربشتي : أراد بالركعتين الأولى والثالثة من الرباعية أي : لم يكن يلبث إذا رفع رأسه من السجود في هاتين الركعتين حتى ينهض قائما ، قيل : التأويل ضعيف ، وعذره في الثنائية والثلاثية بقوله : إنما ذكر الصحابي الرباعية اكتفاء بذكر الأولى من كل الركعتين - تعسف ، وأيضا هذا التأويل لا يوافق إيراد هذا الحديث في باب التشهد ، كذا ذكره الطيبي ، ويدفع الضعف ، بما قويناه ، وهو عذر فيما أولناه كما قدمنا ، وأما الإيراد فلا يدفع الإيراد ، والله أعلم بالمراد ، ( رواه الترمذي ، وأبو داود ، والنسائي ) : وقال الترمذي : حسن صحيح : قال ابن حجر : لكن رده النووي في مجموعه فقال : ليس كما قال بل هو منقطع اهـ ، ووافقه ابن دقيق العيد فقال : إنه ضعيف ، ومن ثم اختار جمع من المتأخرين من أصحابنا ندب الصلاة على الآل فيه اهـ .

ولعل رد النووي في طريق من طرق الترمذي ، وإلا فكيف يخفى الانقطاع على مثله ، ويدل على ما قلنا أنه قال : حسن صحيح ، وهو محمول على أن للحديث سندين عنده ، والمنقطع يكون هو الذي سماه حسنا فمراده به أنه حسن لغيره ، وهو السند الآخر الذي هو صحيح عنده فتأمل ، فإنه موضع زلل ، والترمذي من غيره أجل .




الخدمات العلمية