الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
927 - وعنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " رغم أنف رجل ذكرت عنده فلم يصل علي ، ورغم أنف رجل دخل عليه رمضان ثم انسلخ قبل أن يغفر له ، ورغم أنف رجل أدرك عنده أبواه الكبر أو أحدها فلم يدخلاه الجنة " ، رواه الترمذي .

التالي السابق


927 - ( وعنه ) ، أي : عن أبي هريرة ( قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " رغم " ) : مثلث الغين على ما في القاموس ، لكن الرواية بالكسر ، وفي نسخة بالفتح ، ومعناه لصق بالرغام وهو التراب ، أي : ذل وهان ( أنف رجل ذكرت عنده فلم يصل علي ) : وهو إما خبر أو دعاء ، أي لحقه ذل مجازاة بترك تعظيمي ، وقيل : خاب وخسر من قدر بأن يتفوه بأربع كلمات فيوجب لنفسه عشر صلوات من الله ، ويرفع بها عشر درجات ، ويحط عنه عشر خطيئات ، فلم يفعل ، ( أنف رجل ذكرت عنده فلم يصل علي ) : وهو إما خبر أو دعاء ، أي لحقه ذل مجازاة بترك [ ص: 745 ] تعظيمي ، وقيل : خاب وخسر من قدر بأن يتفوه بأربع كلمات فيوجب لنفسه عشر صلوات من الله ، ويرفع بها عشر درجات ، ويحط عنه عشر خطيئات ، فلم يفعل ، ( " ورغم أنف رجل دخل عليه رمضان ثم انسلخ " ) ، أي : انتهى أو انقضى .

قال ابن حجر : كان وجه الإتيان ( بثم ) ، هنا أن بين ابتداء رمضان وبين انقضائه مهلة طويلة ، بخلاف سماع ذكره عليه السلام والصلاة عليه ، فإنها تطلب عقب السماع من غير مهلة ، وكذا بر الوالدين فإنه يتأكد عقب احتياجهما المكنى عنه بالكبر ، وقال الطيبي : ( ثم ) ، هذه استبعادية كما في قولك لصاحبك : بئس ما فعلت وجدت مثل تلك الفرصة ثم لم تنتهزها ، وكذا الفاء في قوله : فلم يصل علي ويدخلاه ، ويؤيده ، ورود الحديث في بعض روايات صحيح مسلم بلفظ : ثم بدل الفاء في قوله : ( فلم يدخلاه ) ، ونظير وقوع الفاء موقع ثم في الاستبعاد قوله تعالى : ومن أظلم ممن ذكر بآيات ربه فأعرض عنها في الكهف ، ثم أعرض عنها في السجدة اهـ .

فجاءت ثم بعد الفاء في القرآن لإفادة التبيان ( " قبل أن يغفر له " ) ، أي : بأن لم يتب فيه أو لم يعظمه بالمبالغة في الطاعة حتى يغفر له ، أو لسوء ما انطوى عليه من رياء ونحوه أبطل عمله المقتضي للمغفرة ، قال الطيبي : الظاهر ( ولم يغفر ) ، وإنما عدل تنبيها على أن تراخي الغفران من تقصيره ، وكان حقه أن يغفر له قبل انسلاخه ، ( " ورغم أنف رجل أدرك عنده أبواه الكبر أو أحدهما فلم يدخلاه " ) ، أي : أو لم يدخله ( " الجنة " ) : الإسناد مجازي ، فإن المدخل حقيقة هو الله يعني لم يخدمهما حتى يدخل بسببهما الجنة ، ( رواه الترمذي ) : وقال : حسن غريب من هذا الوجه ، ورواه ابن حبان في صحيحه ، والبزار في مسنده ، ذكره ميرك ، قال ابن حجر : وطرقه كثيرة بعضها صحيح ، وبعضها حسن ، وبعضها ضعيف .




الخدمات العلمية