الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
الفصل الثالث

955 - عن شداد بن أوس - رضي الله عنه - قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في صلاته : " اللهم إني أسألك الثبات في الأمر ، وأسألك العزيمة على الرشد ، وأسألك شكر نعمتك ، وحسن عبادتك ، وأسألك قلبا سليما ، ولسانا صادقا ، وأسألك من خير ما تعلم ، وأعوذ بك من شر ما تعلم ، وأستغفرك لما تعلم " رواه النسائي ، وروى أحمد نحوه .

التالي السابق


الفصل الثالث

955 - ( عن شداد بن أوس قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في صلاته ) ، أي : بعد التشهد ، وقال ابن حجر : أي في آخرها ، وفي رواية لأحمد : فيها أو دبرها ، ( " اللهم إني أسألك الثبات في الأمر " ) ، أي : في جميع الأمور المتعلقة بأمر الدين ، ( " والعزيمة على الرشد " ) : وهي كالعزم عقد القلب على إمضاء الأمر ، وقدم الثبات على العزيمة ، وإن كان فعل القلب مقدما على الفعل ، والثبات عليه إشارة إلى أنه المقصود بالذات ; لأن الغايات مقدمة في الرتبة وإن كانت مؤخرة في الوجود لقوله تعالى : الرحمن علم القرآن خلق الإنسان كذا حققه الطيبي ، وفي الصحاح : عزمت على الأمر عزما وعزيمة إذا أردت فعله وقطعت عليه اهـ .

والرشد : بضم الراء وسكون المعجمة ، ويروى بفتحهما ، بمعنى الهداية ، والمراد لزومها ودوامها ، ( " وأسألك شكر نعمتك " ) ، أي : التوفيق على شكرها بصرف النعمة في طاعة المنعم ، وهو القيام بالأوامر واجتناب الزواجر ، ( " وحسن عبادتك " ) : بأداء شرائطها وأركانها والقيام بإخلاصها ( " وأسألك قلبا سليما " ) : قال الطيبي ، أي : من العقائد الفاسدة والميل إلى الشهوات ; فإنها مرض القلب ، وصحته العلم والأخلاق الفاضلة اهـ ، أو المراد سليما من الغل والغش والحقد ، وسائر الصفات الرديئة ، والأحوال الدنية ، أو قلبا منقادا لأمر مولاه ، أو خاليا عما سواه ، ( " ولسانا صادقا " ) : نسبة الصدق إلى اللسان مجاز بأنه لا يبرز عنه إلا الحق المطابق للواقع ، ( " وأسألك من خير ما تعلم " ) : قال الطيبي : ما موصولة أو موصوفة والعائد محذوف ، ومن يجوز أن تكون زائدة على مذهب من يزيدها في الإثبات ، أو بيانية والمبين محذوف ، أي : أسألك شيئا هو خير ما تعلم أو تبعيضية - سأله إظهارا لهضم النفس ، وأنه لا يستحق إلا يسيرا من الخير ، وعليه قراءة من قرأ : ( اهدنا صراطا مستقيما ) ، على أن التنكير للتقليل ، ذكره الأبهري ، ( " وأعوذ بك من شر ما تعلم ، وأستغفرك لما تعلم " ) ، أي : أطلب المغفرة لأجل ما تعلمه من الذنوب ، والتقصيرات ، والمشغلات ، وفي الحصن : بما تعلم وزاد : إنك أنت علام الغيوب .

( رواه النسائي ، وروى أحمد نحوه ) : وفي الحصن : رواه الترمذي ، وابن حبان ، والحاكم ، وابن أبي شيبة ، قال ميرك : كلهم عن شداد بن أوس ، وزاد الحاكم : " وخلقا مستقيما " ، أي : بعد قوله : " وقلبا سليما " ، وقال الحاكم : صحيح على شرط مسلم .

[ ص: 759 ]



الخدمات العلمية