الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
1112 - وعن عمار بن ياسر أنه أم الناس بالمدائن ، وقام على دكان يصلي والناس أسفل منه ، فتقدم حذيفة فأخذ على يديه ، فاتبعه عمار حتى أنزله حذيفة ، فلما فرغ عمار من صلاته ، قال له حذيفة : ألم تسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " إذا أم الرجل القوم فلا يقم في مقام أرفع من مقامهم ، أو نحو ذلك " ؟ فقال عمار : لذلك اتبعتك حين أخذت على يدي . رواه أبو داود .

التالي السابق


1112 - وعن عمار : أنه أم الناس بالمدائن ) : بالهمز بلد كسرى قريب الكوفة ، وقال ابن حجر : مدينة قديمة على دجلة قريبة من بغداد ( وقام على دكان ) أي : وحده فإنه لو قام الإمام مع بعض القوم في المكان الأعلى لا يكره ، وفي الانفراد بالمكان أسفل اختلف مشايخنا ، قال الطحاوي : لا يكره لعدم التشبه بأهل الكتاب ، فإنهم إنما يخصون إمامهم بالمكان المرتفع ، وظاهر الرواية الكراهة ; لأن فيه ازدراء بالإمام ، ومقدار الارتفاع الذي يحصل به [ ص: 859 ] كراهة الانفراد ، قيل : مقدار قامة ، وقيل : ما يقع به الامتياز ، وقيل : مقدار ذراع وعليه الاعتماد ، كذا في شرح المنية ، وفي قول الطحاوي إشارة إلى أن الجماعة ليست من خصوصيات هذه الأمة خلافا لبعضهم ، والله تعالى أعلم . ( يصلي ) : حقيقة أو يريد الصلاة وهو الأظهر ، ( والناس أسفل منه ) أي : قائمون في مكان أسفل من مكانه ( فتقدم حذيفة ) أي : من الصف ( فأخذ على يديه ) أي : أمسكهما وجر عمارا من خلفه لينزل إلى أسفل ويستوي مع المأمومين ( فاتبعه ) : بالتشديد ( عمار ) أي : طاوعه ( حتى أنزله ) أي : من الدكان ( حذيفة ، فلما فرغ عمار من صلاته ، قال له حذيفة : ألم تسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم ) : وهذا يدل على شهرة هذا الحديث عندهم ( يقول : " إذا أم الرجل القوم فلا يقم في مقام أرفع ) أي : أعلى ( من مقامهم ، أو نحو ذلك ) : عطف على مفعول يقول ( فقال ) أي : له كما في نسخة صحيحة ( عمار : لذلك ) أي : لأجل سماعي هذا النهي منه أولا وتذكري بفعلك ثانيا ( اتبعتك ) أي : في النزول ( حين أخذت على يدي ) : وفي نسخة صحيحة بالتثنية ، قال ابن الملك : وهذا يدل على كراهة كون موضع الإمام أعلى من موضع المأمومين ، لكن إنما تكون هذه الكراهة لو كان موضعه أعلى من أهل الصف الذي خلفه ، لا من موضع جميع الصفوف . ( رواه أبو داود ) : من طريق عدي بن ثابت قال : حدثني رجل : أنه كان مع عمار بن ياسر بالمدائن . فأقيمت الصلاة ، فتقدم عمار فقام على دكان يصلي وذكره ، وفي إسناده كما ترى رجل مجهول ، لكن روى همام قال : أم حذيفة الناس بالمدائن على دكان ، فأخذ ابن مسعود بقميصه فجذبه ، فلما فرغ من صلاته قال : ألم تعلم أنهم كانوا ينهون عن ذلك ؟ قال : ذكرت حين مددتني ، وفي رواية : جذبتني ، وفي رواية لأبي داود ، أيضا ، وقال الحاكم : إنه على شرط الشيخين : إن حذيفة هو الإمام وابن مسعود هو الذي أخذ بقميصه فجذبه ، الحديث . ولا تخالف لأنهما قضيتان ، ولا بعد أن حذيفة وقع له ذلك قبل واقعته مع عمار أو بعدها ؛ لأن النسيان غالب على الإنسان ، والأول أقرب ، قال النووي : رواه أبو داود بإسناد صحيح ، قال وقد روى البخاري ومسلم أن ابن مسعود قال له : ألم تعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن أن يقوم الإمام ويبقى الناس خلفه ؟ اهـ . نقله ميرك عن التصحيح .




الخدمات العلمية