الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
108 - وعن عمر رضي الله عنه ؛ قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( لا تجالسوا أهل القدر ولا تفاتحوهم ) رواه أبو داود .

التالي السابق


108 - ( وعن عمر ) : رضي الله عنه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( لا تجالسوا أهل القدر ) : بضم أوله أي : لا تواددوهم ، ولا تحابوهم ، فإن المجالسة ونحوها من المماشاة من علامات المحبة وأمارات المودة ، فالمعنى لا تجالسوهم مجالسة تأنيس وتعظيم لهم لأنهم إما أن يدعوك إلى بدعتهم بما زينه لهم شيطانهم من الحجج الموهمة ، والأدلة المزخرفة التي تجلب من لم يتمكن في العلوم والمعارف إليهم ببادي الرأي ، وإما أن يعود عليكم من نقصهم وسوء عملهم ما يؤثر في قلوبكم وأعمالكم ؛ إذ مجالسة الأغيار تجر إلى غاية البوار ونهاية الخسار . قال تعالى : ( ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين ) ولا ينافي إطـلاق الحديث تقييد الآية في المنافقين حيث قال الله تعالى : ( فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره إنكم إذا مثلهم ) وكذا قوله عز وجل ( وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره ) فلم ينه عن مجالستهم مطلقا ؛ لأن الحديث يحمل على من لم يأمن على نفسه منهم ؛ فيمنع عن مجالستهم مطلقا ، والآية على من أمن فلا حرج عليه في مجالسته لهم بغير التأنيس ، والتعظيم ما لم يكونوا في كفر ، وبدعة ، وكذا إذا خاضوا وقصد الرد عليهم وتسفيه أدلتهم ، ومع هذا ؛ البعد عنهم أولى ، والاجتناب عن مباحثتهم أحرى

[ ص: 183 ] ( ولا تفاتحوهم ) : من الفتاحة بضم الفاء وكسرها ؛ أي : الحكومة ، ومنه قوله تعالى : ( ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق ) أي : لا تحاكموا إليهم فإنهم أهل عناد ومكابرة ، وقيل : لا تبدءوهم بالسلام ، أو بالكلام . وقال المظهر : لا تناظروهم فإنهم يوقعونكم في الشك ، ويشوشون عليكم اعتقادهم أي : وإن لم تجالسوهم ، فهو عطف مغاير ، وقيل : عطف خاص ؛ لأن المجالسة تشتمل على المؤاكلة والمؤانسة ، والمحادثة وغيرها ، وفتح الكلام في القدر أخص من ذلك . ( رواه أبو داود ) : وكذا أحمد ، والحاكم .




الخدمات العلمية