الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
الفصل الثالث

1134 - عن عثمان بن أبي العاص رضي الله عنه ، قال : آخر ما عهد إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا أممت قوما فأخف بهم الصلاة " . رواه مسلم .

وفي رواية له : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال له : " أم قومك " ، قال : قلت : يا رسول الله ! إني أجد في نفسي شيئا . قال : " ادنه " ، فأجلسني بين يديه ، ثم وضع كفه في صدري بين ثديي ، ثم قال : " تحول " ، فوضعها في ظهري بين كتفي ، ثم قال : " أم قومك ، فمن أم قوما فليخفف ، فإن فيهم الكبير ، وإن فيهم المريض ، وإن فيهم الضعيف ، وإن فيهم ذا الحاجة ، فإذا صلى أحدكم وحده فليصل كيف شاء " .

التالي السابق


الفصل الثالث

1134 - ( عن عثمان بن أبي العاص قال : آخر ما عهد ) أي : أوصى ( إلي ) : وأمرني به ( رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا أممت ) : بالتخفيف ( قوما ) أي : صرت إمام قوم ( فأخف ) : بفتح الفاء المشددة ، ويجوز كسره ( بهم الصلاة ) : فيه ثلاث لغات ناشئة من التركيب ذكرناها سابقا . ( رواه مسلم ) .

( وفي رواية له ) أي لمسلم ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ) : بفتح أن ، وقيل بكسرها ( قال له ) أي : لعثمان ( أم ) : أمر على زنة مد ( قومك " قال : قلت : يا رسول الله ! إني أجد في نفسي شيئا ) : قال الطيبي : أي أرى في نفسي ما لا أستطيع على شرائط الإمامة وإيفاء حقها لما في صدري من الوساوس ، وقلة تحملي القرآن والفقه ، فيكون وضع [ ص: 874 ] اليد على ظهره وصدره لإزالة ما يمنعه منها ، وإثبات ما يقويه على احتمال ما يصلح لها من القرآن والفقه ، قال النووي : ويحتمل أنه أراد الخوف من حصول شيء من الكبر والإعجاب له مقدما على الناس ، فأذهبه الله ببركة كفه عليه السلام . ( قال : " ادنه ) : أمر من الدنو ، وهو بهاء السكت لبيان ضم النون ، أي اقرب مني ، ( فأجلسني بين يديه ، ثم وضع كفه في صدري بين ثديي ) : بتشديد الياء ذكره الطيبي وغيره ، ( ثم قال : " تحول ) أي انقلب ( فوضعها ) أي : كفه ( في ظهري بين كتفي ) : بالتشديد على التثنية ( ثم قال : " أم قومك ، فمن أم قوما فليخفف ) : أمر استحباب ( فإن فيهم الكبير ، وإن فيهم المريض ، وإن فيهم الضعيف ) : كالصبيان والنسوان أو ضعيفي الأبدان ، وإن لم يكن مريضا أو كبيرا ( وإن فيهم ذا الحاجة ) أي : المستعجلة ، وفي تكرير إن إشارة إلى صلاحية كل للعلة ( فإذا صلى أحدكم وحده ) أي : منفردا ( فليصل كيف شاء ) : والتطويل أفضل ، وأما اليوم فأئمتنا إذا صلوا بالناس فيطيلون غاية الإطالة ، ويراعون جميع الآداب الظاهرات ، وإذا صلوا فرادى فيقتصرون على أدنى ما تجوز به الصلاة ، ولو في بعض الروايات ، والله ولي دينه ، ومع هذا فنحمد الله تعالى على ما بقي بعد الألف من متابعة نبيه صلى الله عليه وسلم وشرف وكرم .




الخدمات العلمية