الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
116 - وعن نافع ، أن رجلا أتى ابن عمر فقال : إن فلانا يقرأ عليك السلام ، فقال : إنه بلغني أنه قد أحدث ، فإن كان قد أحدث فلا تقرئه مني السلام ، فإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : ( يكون في أمتي - ، أو في هذه الأمة - خسف ، أو مسخ ، أو قذف في أهل القدر ) . رواه الترمذي ، وأبو داود ، وابن ماجه . وقال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح غريب .

التالي السابق


116 - ( وعن نافع ) أي : ابن سرجس مولى عبد الله بن عمر كان ديلميا ، وهو من كبار التابعين ، سمع ابن عمر وأبا سعيد ، روى عنه خلق كثير منهم : الزهري ، ومالك بن أنس ، وهو من المشهورين بالحديث ، ومن الثقات الذين يؤخذ عنهم ، ويجمع حديثهم ، ويعمل به ، معظم حديث ابن عمر دائر عليه . قال مالك : كنت إذا سمعت حديث نافع عن ابن عمر لا أبالي أن لا أسمعه من غيره ، مات سنة سبع عشرة ومائة ، وسرجس بفتح السين المهملة الأولى ، وسكون الراء ، وكسر الجيم . ( أن رجلا أتى ابن عمر فقال ) أي : الرجل ، ( إن فلانا يقرأ ) : وفي نسخة يقرئ ( عليك السلام ) : في " القاموس " قرأ عليه السلام أبلغه كأقرأه ، أو لا يقال أقرأه إلا إذا كان السلام مكتوبا ( فقال ) أي : ابن عمر ( إنه ) أي : الشأن ، وتفسيره الخبر ، وهو قوله ( بلغني أنه قد أحدث ) أي : ابتدع في الدين ما ليس منه من التكذيب بالقدر ( فإن كان قد أحدث ) أي : ما ذكر ( فلا تقرئه مني السلام ) : كناية عن عدم قبول سلامه كذا قاله الطيبي ، والأظهر أن مراده أن لا تبلغه مني السلام ، أو رده فإنه ببدعته لا يستحق جواب السلام ، ولو كان من أهل الإسلام . قال ابن حجر : لا تقرئه مني السلام لأنا أمرنا بمهاجرة أهل البدع ، ومن ثم قال العلماء : لا يجب رد سلام الفاسق والمبتدع ، بل لا يسن زجرا لهما ، ومن ثم جاز هجرهم لذلك ( فإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : ( يكون في أمتي - ، أو في هذه الأمة - ) يحتمل الدعوة والإجابة على ما تقدم ، وأو للشك ، ( خسف ) : في الأرض ( ومسخ ) : وفي نسخة : أو مسخ أي : تغيير في الصورة ( أو قذف ) أي : رمي بالحجارة كقوم لوط . قال ميرك شاه : والظاهر أنه شك من الراوي ، وقال الطيبي : يحتمل التنويع أيضا اهـ .

وهذا صحيح إن لم يكن عطف : ( مسخ ) ، على : ( خسف ) بالواو ، تأمل ، ( في أهل القدر ) : بدل بعض من قوله في أمتي بإعادة الجار ( رواه الترمذي ، وأبو داود ، وابن ماجه ، وقال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح غريب ) : اعلم أن الغرابة قد تكون في الحديث الحسن ، أو الصحيح ، ولكن في الجمع بين الحسن ، والصحة إشكال ؛ إذ الحسن [ ص: 191 ] قاصر على الصحيح ، فقيل : يريد الترمذي به أنه روي بإسنادين . أحدهما يقتضي الصحة . والآخر الحسن ، أو مراد بالحسن معناه اللغوي ، وهو ما تميل إليه النفس ، وتستحسنه ، وهذا المعنى لا ينافي الصحيح فاندفع التناقض ، وقد يقال المراد أنه حسن لذاته صحيح لغيره ، فإن الحسن إذا روي من وجه آخر ترقى من الحسن إلى الصحيح لقوته من الجهتين ، فيعتضد أحدهما بالآخر .




الخدمات العلمية