الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
1225 - وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أحب الصلاة إلى الله صلاة داود ، وأحب الصيام إلى الله صيام داود : كان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه ، وينام سدسه ، ويصوم يوما ، ويفطر يوما " . متفق عليه .

التالي السابق


1225 - ( وعن عبد الله بن عمرو قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أحب الصلاة " ) ، أي : من جهة شرف الوقت وزيادة المشقة على النفس ( " إلى الله " ) ، أي : من النوافل ( " صلاة داود ، وأحب الصيام إلى الله صيام داود " ) ; لأنه خلاف العادة ، وهو زبدة عين العبادة ، ( " كان " ) : استئناف مبين للجملتين السابقتين ، وفي نسخة ضعيفة بالواو ( " ينام " ) ، أي : داود ( " نصف الليل " ) ، أي : نصفه الأول ( " ويقوم " ) ، أي : بعد ذلك ( " ثلثه " ) : بضم اللام وسكونه ، وهو السدس الرابع والخامس ( " وينام سدسه " ) : بضم الدال ويسكن ، أي : سدسه الأخير ، ثم يقوم عند الصبح ، قال ابن الملك : وإنما كان هذا النوع أحب لأن النفس إذا نامت في الثلثين من الليل تكون أخف وأنشط في العبادة . اهـ . ولعله صلى الله عليه وسلم ما التزم هذا النوم ليكون قيامه جامعا لمقام سائر الأنبياء ، وليهون على أمته في القيام بوظيفة الأحياء ( " ويصوم " ) ، أي : داود ( يوما ، ويفطر يوما ) : قال ابن الملك : فإن ذلك أشق على النفس ; لأنها تصادف مألوفها في وقت ، وتفارقه في وقت . اهـ .

ولعل هذا لما لم يكن خاليا عن ألفة النفس في الجملة ما التزم النبي صلى الله عليه وسلم هذا الوصف في صيامه ، وقد ورد عن أنس : أنه عليه الصلاة والسلام " كان يصوم من الشهر حتى نرى أن لا يريد أن يفطر منه ، ويفطر منه حتى نرى أن لا يريد أن يصوم منه شيئا ، وكنت لا تشاء أن تراه من الليل مصليا إلا رأيته مصليا ، ولا نائما إلا رأيته نائما " أخرجه الترمذي في الشمائل فكان عليه الصلاة والسلام أبا الوقت وغير ابن الوقت ، فهو حاكم غير محكوم ، فكان يفعل العبادات بحسب ما يظهر له من الحكمة في أوقات الطاعات دون الحالات المألوفات والعادات وإن كانت عادات السادات سادات العادات ، والله أعلم . ( متفق عليه ) : قال ميرك : ورواه النسائي وابن ماجه .




الخدمات العلمية