الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
الفصل الثالث

1363 - عن أبي لبابة بن عبد المنذر رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : " إن يوم الجمعة سيد الأيام وأعظمها عند الله ، وهو أعظم عند الله من يوم الأضحى ويوم الفطر ، فيه خمس خلال : خلق الله فيه آدم ، وأهبط الله فيه آدم إلى الأرض ، وفيه توفى الله آدم ، وفيه ساعة لا يسأل العبد فيها شيئا إلا أعطاه ، ما لم يسأل حراما ، وفيه تقوم الساعة ، ما من ملك مقرب ولا سماء ولا أرض ولا رياح ولا جبال ولا بحر إلا هو مشفق من يوم الجمعة " . رواه ابن ماجه .

التالي السابق


الفصل الثالث

1363 - عن أبي لبابة بن عبد المنذر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن يوم الجمعة سيد الأيام ) ، أي : أفضلها ، أو أريد بالسيد المتبوع ، كما قال : " والناس لنا تبع " . ( وأعظمها عند الله ) : والظاهر شمول يوم عرفة ، لكن قوله : ( وهو أعظم عند الله من يوم الأضحى ويوم الفطر ) : يفيد التساوي ، أو أفضلية عرفة ، لكن في حديث رزين : أفضل الأيام يوم عرفة ، فإن وافق يوم الجمعة فهو أفضل من سبعين حجة في غير يوم الجمعة ، ومنه أخذ جماعة من الحنابلة أن ليلة الجمعة أفضل من ليلة القدر ، ويومها أفضل من يوم عرفة اهـ .

وفيه أن الأحاديث الصحيحة صريحة بأفضلية ليلة القدر على سائر الليالي ، والقرآن ناطق به كذلك ، هذا ويحتمل أعظمية يوم الجمعة على يوم العيدين باعتبار كونه يوم عبادة صرف ، وهما يوم فرح وسرور . ( فيه ) ، أي في نفس يوم الجمعة ( خمس خلال ) ، أي : خصال مختصة به ( خلق الله فيه آدم ) ، أي : طينته ( وأهبط الله ) :

[ ص: 1019 ] أي : أنزل ( " فيه آدم إلى الأرض " ) : لإظهار ذريته وأحكام بشريته ، ( " وفيه توفى الله آدم " ) : للرجوع إلى حضرته ( " وفيه ساعة لا يسأل العبد " ) : اللام للعهد ، أي : العبد المسلم ( " فيها شيئا " ) ، أي : من الأشياء ( " إلا أعطاه " ) ، أي : الله إياه ( " ما لم يسأل حراما " ) ، أي : ما لم يكن مسئوله حراما ، قال ابن حجر : يؤخذ منه ما قدمته من أن المراد بالخير ما يشمل المباح ، بل هذا يشمل المكروه اهـ .

وفيه أن هذا الحديث يفيد العموم ، وهو لا ينافي تقييد الحديث الأول بخصوص الخير تنبيها للطالب أنه لا يسأل منه إلا الخير كما أشرنا إليه سابقا ، مع أن الأمر المكروه لا ينبغي سؤاله منه تعالى ، كما هو مقرر في محله ، والأظهر أن يقال : حراما بمعنى ممنوعا ، كما في قوله تعالى : ( وحرام على قرية ) الآية والله أعلم . ( " وفيه تقوم الساعة " ) : وفيها عيد أهل الطاعة ، ولذا يسمى يوم الجمعة عيد المؤمنين والمساكين . ( " ما من ملك مقرب ولا سماء ولا أرض ولا رياح ولا جبال ولا بحر " ) ، أي : ولا من دابة كما تقدم ، ( " إلا هو مشفق " ) ، أي : خائف ( " من يوم الجمعة " ) ، أي : خوفا من فجأة الساعة وعظمة القيامة ، فإن الله تعالى يتجلى بصفة الغضب في ذلك اليوم العظيم تجليا ما تجلى قبله ولا بعده مثله . ( رواه ابن ماجه ) .




الخدمات العلمية