الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
الفصل الثالث

1378 - عن ابن مسعود رضي الله عنهما ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لقوم يتخلفون عن الجمعة : " لقد هممت أن آمر رجلا يصلي بالناس ، ثم أحرق على رجال يتخلفون عن الجمعة بيوتهم . رواه مسلم .

التالي السابق


الفصل الثالث

1378 - ( عن ابن مسعود ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : لقوم ) ، أي : في شأنهم ، قال ابن حجر : أو عنهم ، وهو غير صحيح كما لا يخفى . ( يتخلفون عن الجمعة ) : قال الطيبي : سبق معنى الحديث في باب الجماعات . ( " لقد هممت أن آمر رجلا يصلي بالناس ، ثم أحرق " ) : بالنصب ، وفي نسخة بالتشديد ( " على رجال يتخلفون " ) ، أي : بغير عذر ( " عن الجمعة " ) ، أي : عن إتيانها ( " بيوتهم " ) : بضم الباء وكسرها مفعول لأحرق ، والمعنى لقد أردت أن أجعل خليفتي في الإمامة ، ثم أتوجه بخدمتي نحو المتخلفين فأحرق بيوتهم ، أي : ما في بيوتهم من أنفسهم ومتاعهم عليهم ، وفي هذا من الوعيد ما لا يوصف .

قال السيد بادشاه رحمه الله : فإن قلت : كيف يترك الفرض ويشتغل بهم ؟ قلت : المقصود التغليظ والمبالغة دون الحقيقة ، على أنه يجوز تركه إلى بدل لمصلحة ضرورة إذا أدى إليه الاجتهاد ، ولكن الإحراق إنما يتصور إذا كان تخلفهم جحودا ، ولعله وقع قبل نسخ الهم بالتحريق . قلت : لا يلزم من جعل الخليفة ترك فرض الجمعة مطلقا ، فإنه يتصور تكرارها ، كما هو الآن من المسائل الاجتهادية الخلافية ، ففي شرح المنية : إنما تجوز إقامة الجمعة في المصر [ ص: 1027 ] في موضع واحد لا أكثر في ظاهر الرواية عن أبي حنيفة ، وعنه كقول محمد أنها تجوز في مواضع متعددة ، قيل : وهو الأصح ، وعن أبي يوسف : يجوز بموضعين لا غير ، وقال ابن الهمام : قال السرخسي : الصحيح من مذهب أبي حنيفة جواز إقامتها في مصر واحد في مسجدين وأكثر ، وبه نأخذ لإطلاق لا جمعة إلا في مصر ، فإذا تحقق تحقق في كل منها ، قال ابن الهمام : وهو الأصح فارتفع الإشكال من أصله ، ثم لا بد من إمكان الحقيقة على لسان صاحب الشريعة وإن قصد التغليظ والمبالغة ، وقد تقرر أن تخلفهم ما كان إلا جحودا ، لما ثبت أن في زمنه - عليه الصلاة والسلام - لم يكن يتخلف عن الجماعة ، فضلا عن الجمعة من غير عذر إلا منافق ظاهر النفاق لا مستور الشقاق ، ونسخ الهم بالتحريق غير معروف عند أهل التحقيق ، نعم الجمهور على منع تحريق المال ، وأجمعوا على منع تحريق غير المتخلف والغال . ( رواه مسلم ) .




الخدمات العلمية