الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 1046 ] 1411 - ( وعن جابر قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا جاء أحدكم يوم الجمعة والإمام يخطب فليركع ركعتين ، وليتجوز فيهما . رواه مسلم ) .

التالي السابق


1411 - ( وعن جابر قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يخطب ) جملة حالية ، ( إذا جاء أحدكم يوم الجمعة والإمام يخطب ) أي : يريد أو يقرب أن يخطب ، ( فليركع ركعتين ، وليتجوز ) بكسر اللام ويسكن ، ( فيهما ) أي : ليخفف . قيل : ينبغي أن ينوي سنة الجمعة ; لأن تحية المسجد تحصل بها بخلاف عكسه .

قال الطيبي وتبعه ابن الملك مع مخالفته للمذهب : إن هذا يدل على أن تحية المسجد مستحبة في أثناء الخطبة . ( رواه مسلم ) .

قال ميرك : واللفظ له ، وللبخاري بمعناه ، ولم يقل : " وليتجوز فيهما " .

قال ابن حجر : وفي رواية مسلم : أن سليكا الغطفاني جاء يوم الجمعة والنبي - صلى الله عليه وسلم - يخطب فجلس ; فقال له : " سليك ، قم فاركع ركعتين وتجوز فيهما ، ثم قال : إذا جاء أحدكم " إلخ .

قال صاحب الهداية : ولأبي حنيفة قوله - عليه الصلاة والسلام - إذا خرج الإمام فلا صلاة ولا كلام . قال ابن الهمام : رفعه غريب ، والمعروف كونه من كلام الزهري . رواه مالك في الموطأ . قال : خروجه يقطع الصلاة ، وكلامه يقطع الكلام .

وأخرج ابن أبي شيبة في مصنفه : عن علي وابن عباس وابن عمر ، كانوا يكرهون الصلاة والكلام بعد خروج الإمام . وأخرج عن عروة قال : إذا قعد الإمام على المنبر فلا صلاة .

وعن الزهري قال في الرجل يجيء يوم الجمعة والإمام يخطب : يجلس ولا يصلي . والحاصل أن قول الصحابي حجة فيجب تقليده عندنا إذا لم ينفه شيء آخر من السنة ، وما رواه مسلم من قوله : إذا جاء أحدكم إلخ ، لا ينفي كون المراد أن يركع مع سكوت الخطيب ; لما ثبت في السنة من ذلك ، أو لكان قبل تحريم الصلاة في حال الخطبة انتهى .

وقيل : يحتمل أنه أمره بذلك ليتصدق عليه كما جاء في رواية ، وقد أخرج أحمد ، وابن حبان : أنه - عليه الصلاة والسلام - كرر أمره له بالصلاة ثلاث مرات ، في ثلاث جمع ، فدل على أن القصد كان التصدق عليه ، وجاء من طرق أنه حصل له في الجمعة الأولى ثوبين ، فدخل بهما في الثانية فتصدق بأحدهما فيها - صلى الله عليه وسلم - وأمره بالصلاة قبل أن يجلس انتهى .

فيكون الحكم من باب التخصيص ; لأن القائلين بالمنع لا يجيزون ذلك لعلة التصدق كما صرحوا به .




الخدمات العلمية