الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
1441 - وعن كثير بن عبد الله ، عن أبيه ، عن جده : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كبر في العيدين في الأولى سبعا قبل القراءة ، وفي الآخرة خمسا قبل القراءة . رواه الترمذي ، وابن ماجه ، والدارمي .

التالي السابق


1441 - ( وعن كثير بن عبد الله ، عن أبيه ، عن جده ) أي : عن جد كثير ، وهو عمرو بن عوف المزني أبو عبد الله . ( أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كبر في العيدين في الأولى ) أي : في الركعة الأولى . ( سبعا ) : أي : غير تكبيرة التحريم كما في رواية . ( قبل القراءة ، وفي الآخرة خمسا ) أي : غير تكبيرة القيام . ( قبل القراءة ) : قال المظهر : السبع في الأولى غير تكبيرة الإحرام وتكبيرة الركوع ، والخمس في الثانية غير تكبيرة الركوع ، وكل واحد من السبع . والخمس قبل القراءة ، وبه قال الشافعي ، وأحمد ، وعند أبي حنيفة في الأولى : أربع تكبيرات قبل القراءة مع تكبيرة الإحرام ، وفي الثانية أربع تكبيرات بعد القراءة مع تكبيرة الركوع اهـ . وسيأتي دليله . ( رواه الترمذي ) وقال : حديث حسن ، وهو أحسن شيء في الباب ، وجد كثير بن عبد الله ، هو عمرو بن عوف المزني قال : والعمل على هذا عند بعض أهل العلم من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - وغيرهم ، وبه يقول الشافعي ، وأحمد ، وإسحاق ، وروي عن عبد الله بن مسعود أنه قال في التكبير في العيدين : تسع تكبيرات ، في الركعة الأولى ، يكبر خمسا قبل القراءة ، وفي الركعة الثانية بعد القراءة يكبر أربعا مع تكبيرة الركوع ، وبه يقول أهل الكوفة ، وسفيان الثوري اهـ . كلام الترمذي على ما نقله ميرك .

فإن كان المراد بأهل الكوفة أبا حنيفة وأصحابه ، فيكون الخمس في الركعة الأولى مع تكبيرة الإحرام وتكبيرة الركوع ، ففي تعبيره خمسا قبل القراءة نوع مسامحة ، ثم رأيت ابن الهمام ذكره مفصلا فقال : أخرج عبد الرزاق : أخبرنا سفيان الثوري ، عن أبي إسحاق ، عن علقمة ، والأسود : أن ابن مسعود كان يكبر في العيدين تسعا : أربعا قبل القراءة ، ثم يكبر فيركع ، وفي الثانية يقرأ فإذا فرغ كبر أربعا ثم ركع ، ثم ذكر له طرقا أخر . وقد روي عن غير واحد من الصحابة نحو هذا . وهذا أثر صحيح قاله بحضرة جماعة من الصحابة ، ومثل هذا يحمل على الرفع ; لأنه مثل أعداد الركعات .

قال ابن حجر : ويسن للإمام وغيره أن يقول سرا بين كل تكبيرتين لا قبل الأولى بعد الأخيرة : سبحان الله ، والحمد الله ، ولا إله إلا الله ، والله أكبر ، لأثر فيه عن ابن مسعود قولا وفعلا بسند جيد اهـ . وهذا مذهب الشافعي . ( وابن ماجه والدارمي ) قال ميرك . نقلا عن التصحيح : كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف المزني المدني ، ضعفوه ، لكن حسن حديث الترمذي ، وحسن حديثه البخاري في ساعة الجمعة ، وقال نقلا عن التخريج ، قد روى أبو داود من حديث عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن عبد الله بن عمرو ، وقال : وقال نبي الله - صلى الله عليه وسلم - : التكبير في الفطر سبع في الأولى ، وخمس في الآخرة ، والقراءة بعدهما كلتيهما قال الترمذي : في كتاب العلل : سألت البخاري عن كثير بن عبد الله هذا ؟ فقال : ليس في الباب أصح منه .

[ ص: 1071 ] أقول : وفي هذا عن البخاري عندي نظر ، فإن كثير بن عبد الله هذا ضعيف جدا . قال أبو داود : كذاب . وقال الشافعي : من أركان الكذب ، وكذبه ابن حبان . وقال أبو حاتم : ليس بالمتين . وقال ابن عدي : عامة ما يرويه لا يتابع عليه ، فلعل هذا الحديث اعتضد عند من صححه بشاهد وأمور قد خفيت ، وكذلك تصحيح البخاري لحديث عمرو بن شعيب الذي ذكرناه ، عن أبي داود ، مع أن الكلام في هذا الطريق مشهور اهـ . والحاصل أن الحديث ظاهره الضعف ، ولا يصلح للاستدلال ، والله أعلم بالحال .




الخدمات العلمية