الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
1566 - وعنه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إن عظم الجزاء ، مع عظم البلاء ، وإن الله - عز وجل - إذا أحب قوما ابتلاهم ، فمن رضي فله الرضا ، ومن سخط فله السخط " . رواه الترمذي ، وابن ماجه .

التالي السابق


1566 - ( وعنه ) أي : عن أنس . ( قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إن عظم الجزاء ) : بضم العين وسكون الظاء ، وقيل بكسر ثم فتح أي : عظمة الأجر وكثرة الثواب مقرون . ( مع عظم البلاء ) : كيفية وكمية ، جزاء وفاقا ، وأجرا طباقا . ( وإن الله - عز وجل - إذا أحب ) أي : إذا أراد أن يحب . ( قوما ابتلاهم ) : فإن البلاء للولاة ، والابتلاء للأولياء . ( فمن رضي ) أي : بالبلاء . ( فله الرضا ) أي : فليعلم أن له الرضا من المولى ، أو فيحصل له الرضا في الآخرة والأولى ، قيل : رضا العبد محفوف برضاءين لله تعالى سابقا ولاحقا ، وأنا أقول : إنما اللاحق أثر السابق ، والله أعلم بالحقائق . ( ومن سخط ) : بكسر الخاء أي : كره بلاء الله ، وفزع ولم يرض بقضائه . ( فله السخط ) : من الله أولا والغضب عليه آخرا .

واعلم أن الرضا والسخط حالان متعلقان بالقلب ، فكثير ممن له أنين من وجع وشدة مرض وقلبه مشحون من الرضا والتسليم لأمر الله . هذا وقال الطيبـي : قوله : إذا أحب الله قوما ابتلاهم جميعا ، وحذف ذكر أحد الفريقين لدلالة التفصيل عليه ; لأن الفاء في فمن تفصيلية ، والتفصيل غير مطابق للمفصل ; لأن المفصل يشتمل على فريق واحد وهو أهل المحبة ، والتفصيل على فريقين : أهل الرضا ، وأهل السخط . قال ميرك : أقول : وللحديث محمل آخر ، وهو أن نزول البلاء علامة المحبة فمن رضي بالبلاء صار محبوبا حقيقيا له تعالى ، ومن سخط صار مسخوطا عليه ، تأمل ، ثم قال الطيبـي : فهم منه أن رضا الله مسبوق برضاء العبد ، ومحال أن يرضى العبد عن الله تعالى إلا بعد رضاء الله تعالى كما قال تعالى : رضي الله عنهم ورضوا عنه ومحال أن يحصل رضاء الله ، ولا يحصل رضا العبد في الآخرة كما قال تعالى : ياأيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية . فعن الله الرضا أزلا وأبدا ، سابقا ولاحقا . ( رواه الترمذي ) قال ميرك : بسند الحديث الذي قبله . ( وابن ماجه ) .




الخدمات العلمية