الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
152 - وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما ، قال : هجرت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوما ، قال : فسمع أصوات رجلين اختلفا في آية ، فخرج علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعرف في وجهه الغضب ، فقال : إنما هلك من كان قبلكم باختلافهم في الكتاب " . رواه مسلم .

التالي السابق


152 - ( وعن عبد الله بن عمرو ) : بالواو رضي الله عنهما ( قال : هجرت ) : بالتشديد أي أتيت في الهاجرة أي الظهيرة ( إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ) . قال المظهر : التهجير السير في الهاجرة وهي وقت شدة الحر ، ولعل خروجه في هذا الوقت ليدركه عليه الصلاة والسلام عند خروجه من الحجرة فلا يفوته شيء من أقواله وأفعاله ، وفيه حث على تحمل المشقة والإسراع إلى المسجد وطلب العلم ( يوما ) : أي من الأيام أو التنوين للتعظيم ( قال ) ، أي : عبد الله ( فسمع ) ، أي : النبي - صلى الله عليه وسلم - من حجرته ( أصوات رجلين ) : صرح الرضي بأنه إذا أضيف الجزءان إلى متضمنيهما ، وكان المتضمنان بلفظ واحد ، فلفظ الإفراد في المضاف أولى من لفظ المثنى ، ولفظ الجمع فيه أولى من الإفراد ، ولكن في عد الأصوات أجزاء منهما محل نظر ، والظاهر أن جمع الأصوات [ ص: 238 ] على حقيقته ، فإن كل حرف من كلمات الرجلين صوت معتمد على مخرجه ، وفي تفسير الجلالين عند قوله تعالى : فقد صغت قلوبكما أطلق قلوب على قلبين ، ولم يعبر به لاستثقال الجمع بين تثنيتين فيما هو كالكلمة الواحدة ( اختلفا ) : صفة رجلين ، أي : تنازعا واختصما ( في آية ) ، أي : في معنى آية متشابهة ، ويحتمل أن يكون اختلافهما في لفظها اختلاف قراءة ( فخرج علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعرف ) : على بناء المجهول ( في وجهه الغضب ) : الجملة حالية من فاعل خرج ، وكان عليه الصلاة والسلام لا يغضب لنفسه وإنما كان يغضب لله ، فيشتد به ذلك الغضب حتى يرى أثره من حمرة اللون ونحوها في وجهه الكريم ( فقال : إنما هلك من كان قبلكم ) : أي من اليهود والنصارى ( باختلافهم في الكتاب ) ، أي : المنزل على نبيهم بأن قال كل واحد منهم ما شاء من تلقاء نفسه ، وتقدم في كلام النووي بيان الاختلاف المنهي ( رواه مسلم ) .




الخدمات العلمية