الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 1147 ] 1577 - وعن عطاء بن أبي رباح قال : قال لي ابن عباس : ألا أريك امرأة من أهل الجنة ؟ قلت : بلى . قال : هذه المرأة السوداء أتت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت : يا رسول الله ، إني أصرع ، وإني أتكشف . فادع الله لي ، فقال : " إن شئت صبرت ولك الجنة ، وإن شئت دعوت الله أن يعافيك " . فقالت : أصبر . فقالت : إني أتكشف ، فادع الله أن لا أتكشف ، فدعا لها . متفق عليه .

التالي السابق


1577 - ( وعن عطاء بن أبي رباح ) : بفتح الراء ، تابعي جليل . ( قال : قال لي ابن عباس : ألا أريك ) : بضم الهمزة وكسر الراء . ( امرأة من أهل الجنة ؟ قلت : بلى . قال : هذه المرأة السوداء ) : قال العسقلاني في بعض الروايات : إن اسمها شعيرة بمهملتين مصغرا ، وفي بعضها بالقاف بدل العين ، وفي أخرى بالكاف ، وفي رواية أنها ماشطة خديجة . ( أتت النبي - ) صلى الله عليه وسلم - استئناف بيان لكونها من أهل الجنة . ( فقالت : يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إني أصرع ) : بصيغة المجهول . قال الأبهري : الصرع علة تمنع الأعضاء الرئيسة عن انفعالها منعا غير تام ، وسببه ريح غليظ يحتبس في منافذ الدماغ ، أو بخار رديء يرتفع إليه من بعض الأعضاء ، وقد يتبعه تشنج في الأعضاء ، فلا يبقى معه الشخص منتصبا ، بل يسقط ويقذف بالزبد لغلظ الرطوبة ، وقد يكون الصرع من الجن ، ولا يقع إلا من النفوس الخبيثة منهم ، وأنكر ذلك كثير من الأطباء . ( وإنى أتكشف ) : بمثناة وتشديد المعجمة من التكشف . قال العسقلاني : وبالنون الساكنة مخففا من الانكشاف ، والمراد أنها خشيت أن تظهر عورتها وهي لا تشعر . ( فادع الله لي ) أي : بالعافية التامة . ( فقال : " إن شئت صبرت ولك الجنة ) : فيه إيماء إلى جواز ترك الدواء بالصبر على البلاء ، والرضا بالقضاء ، بل ظاهره أن إدامة الصبر مع المرض أفضل من العافية ، لكن بالنسبة إلى بعض الأفراد ممن لا يعطله المرض عما هو بصدده عن نفع المسلمين ، وأن ترك التداوي أفضل ، وإن كان يسن التداوي لخبر أبي داود وغيره قالوا : أنتداوى ؟ فقال : " تداووا ; فإن الله لم يضع داء إلا وضع له دواء غير الهرم " وأنه لا ينافي التوكل إذ فيه مباشرة الأسباب مع شهود خالقها ; ولأنه - صلى الله عليه وسلم - فعله ، وهو سيد المتوكلين ، ومع ذلك ترك التداوي توكلا كما فعله أبو بكر - رضي الله عنه - فضيلة . ( وإن شئت دعوت الله أن يعافيك " فقالت : أصبر ) أي : على الصرع . ( فقالت : إني أتكشف ، فادع الله أن لا أتكشف ، فدعا الله لها . متفق عليه ) .




الخدمات العلمية