الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
153 - وعن سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : إن أعظم المسلمين في المسلمين جرما من سأل عن شيء لم يحرم على الناس ، فحرم من أجل مسألته " . متفق عليه

التالي السابق


153 - ( وعن سعد بن أبي وقاص ) : - رضي الله عنه - هو من العشرة المبشرة بالجنة ، يكنى أبا إسحاق ، واسم أبي وقاص : مالك بن وهيب الزهري القرشي ، أسلم قديما وهو ابن سبع عشرة سنة وقال : كنت ثالث الإسلام ، وأول من رمى بسهم في سبيل الله ، شهد المشاهد كلها مع النبي - صلى الله عليه وسلم - وكان مجاب الدعوة مشهورا بذلك ، تخاف دعوته وترجى لاشتهار إجابتها عندهم ، وذلك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال فيه : اللهم سدد سهمه وأجب دعوته وجمع له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وللزبير أبويه فقال لكل واحد منهما : ( فداك أبي وأمي ) ولم يقل ذلك لأحد غيرهما ، مات في قصره بالعقيق قريبا منالمدينة ، فحمل على رقاب الرجال إلى المدينة ، وصلى عليه مروان بن الحكم وهو يومئذ والي المدينة ، ودفن بالبقيع سنة خمس وخمسين ، وله بضع وسبعون سنة ، وهو آخر العشرة موتا ، ولاه عمر وعثمان الكوفة ، روى عنه خلق كثير من الصحابة والتابعين . ( قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ( إن أعظم المسلمين في المسلمين ) ، أي : في حقهم وجهتهم ( جرما ) : تمييز أي ذنبا وظلما كائنا فيهم . قال الطيبي : أصله أجرم المسلمين فعدل إلى أعظم ، ثم فسر بـ ( جرما ) ليدل على أن الأعظم نفسه جرم ( من سأل ) ، أي : نبيه ( عن شيء ) : بالتنكير ( لم يحرم ) : بصيغة المجهول من التحريم ( على الناس ) : الجملة صفة شيء بأن يسأل هل هو حرام أم لا ؟ ( فحرم من أجل مسألته ) . ، أي : فحرم ذلك الشيء لأجل سؤاله لأنه متعد في سؤاله ، إذ أمر بالسكوت ونهي عن النطق فعوقب بتحريم ما سأل عنه كذا قاله بعض الشراح .

وقال الطيبي : هذا في حق من سأل عبثا وتكلفا فيما لا حاجة به إليه كمسألة بني إسرائيل في شأن البقرة دون من يسأل سؤال حاجة ، فإنه يثاب ، واحتج بهذا الحديث من قال : أصل الأشياء الإباحة قبل ورود الشرع حتى يقوم دليل الحظر .

[ ص: 239 ] وقال ابن الملك : لأنه إن سكت عليه الصلاة والسلام عن جوابه يكون ردعا لسائله ، وإن أجاب عنه كان تغليظا له ، فيكون بسببه تغليظا على غيره ، وإنما كان أعظم جرما لتعدي جنايته إلى جميع المسلمين بشؤم لجاجه ، وأما من سأل لاستبانة حكم واجب أو مندوب أو مباح قد خفي عليه فلا يدخل في هذا الوعيد قال تعالى : فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون ( متفق عليه ) . قيل : لفظ : " في المسلمين " ليس للبخاري ، وكذا لفظ " على الناس " .




الخدمات العلمية