الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 1187 ] الفصل الثاني

1638 - عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " البسوا من ثيابكم البياض ; فإنها من خير ثيابكم ، وكفنوا فيها موتاكم ، ومن خير أكحالكم الإثمد ; فإنه ينبت الشعر ، ويجلو البصر " رواه أبو داود ، والترمذي ، وروى ابن ماجه إلى " موتاكم " .

التالي السابق


الفصل الثاني

1638 - ( عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " البسوا ) بفتح الباء ، أمر ندب . ( من ثيابكم ) : من تبعيضية ، أو بيانية مقدمة . ( البياض ) أي : ذات البياض ، وفي رواية : البيض ، فلا تجوز . ( فإنها ) أي : الثياب البيض . ( من خير ثيابكم ) : الظاهر أن من زائدة . قال ابن حجر : لأن اللون الأبيض أفضل الألوان ، وفيه أن الأبيض لا يسمى ملونا ، هذا وقد لبس عليه الصلاة والسلام غير الأبيض كثيرا لبيان جوازه أو لعدم تيسره . ( وكفنوا فيها موتاكم ) : الأمر فيه للاستحباب . قال ابن الهمام : وأحبها البياض ، ولا بأس بالبرد والكتان للرجال ، ويجوز للنساء الحرير ، والمزعفر والمعصفر اعتبارا للكفن باللباس في الحياة . ( ومن خير أكحالكم الإثمد ) : بكسر الهمزة والميم ، حجر للكحل قاله في القاموس ، والمشهور أنه الأصفهاني . ( فإنه ينبت ) : بضم الياء وكسر الباء . ( الشعر ) : بفتح العين وسكونها أي : شعر الهدب . ( ويجلو البصر ) أي : يزيد نوره ، والأفضل عند النوم اتباعا له عليه الصلاة والسلام ، ولأنه أشد تأثيرا ، وأقوى سريانا حينئذ ، وقال الطيبي : وإنما أبرز الأول في صورة الأمر اهتماما بشأنه ، وأنه من السنة المندوب إليها ، وأخبر عن الثاني للإيذان بأنه من خير دأب الناس وعادتهم ، وجمع بينهما لمناسبة الزينة ، يتزين بهما المتميزون من الصلحاء اهـ .

وفيه إشعار منه أن الاكتحال ليس بمندوب ، وتبعه عصام الدين في شرح الشمائل ، وهو مردود لأنه عليه الصلاة والسلام واظب عليه ، فإنه كانت له مكحلة يكتحل بها كل ليلة في كل عين ثلاثا ، وأمر أحاديث كثيرة : باكتحلوا ، وقد صرح أصحاب الشافعي وغيرهم : بأنه يستحب ; فلا وجه لجعله في المباح الذي لا يترتب عليه ثواب ، وأما قول ابن حجر : عطف على جملة ، البسوا ، وغاير مع أن كلا مأمور به اهتماما بشأن الأول من حيث إنه لا حظ فيه للمأمور . بخلاف الأخير فمحل نظر . ( رواه أبو داود ، والترمذي ) قال ميرك : وقال : حديث حسن صحيح . ( وروي ) : وفي نسخة : ورواه ( ابن ماجه إلى : " موتاكم ) " .




الخدمات العلمية