الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
1647 - وعن أبي سعيد رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا وضعت الجنازة فاحتملها الرجال على أعناقهم ، فإن كانت صالحة قالت : قدموني ، وإن كانت غير صالحة قالت لأهلها : يا ويلها أين تذهبون بها ؟ يسمع صوتها كل شيء إلا الإنسان ، ولو سمع الإنسان لصعق " رواه البخاري .

التالي السابق


1647 - ( وعن أبي سعيد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( " إذا وضعت الجنازة ) " أي : بين يدي الرجال ، وهيئت ليحملوها . ( فاحتملها الرجال على أعناقهم ، فإن كانت صالحة قالت ) : " أي : بلسان الحال أو بلسان المقال . ( قدموني ) أي : أسرعوا بي إلى منزلي لما يرى في الجنة العالية من المراتب الغالية . في الأزهار : المراد من كلام الميت على السرير أما الحقيقة فإنه تعالى قادر وهو كإحيائه في القبر ليسأل ، بل قد أثبت صلى الله عليه وسلم السمع للميت قبل إتيان الملكين حيث قال : إنه ليسمع قرع نعالهم أتاه ملكان ، أو المجاز باعتبار ما يؤول إليه بعد الإدخال والسؤال في القبر اهـ . والثاني : لا يظهر وجهه ، فالمعول هو الأول .

[ ص: 1193 ] وقد أخرج أحمد ، والطبراني ، وابن أبي الدنيا ، والمروزي ، وابن منده ، عن أبي سعيد الخدري : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن الميت يعرف من يغسله ، ومن يحمله ، ومن يكفنه ، ومن يدليه في حفرته " اهـ . وتجويزنا أن يكون هذا المقال بلسان الحال لا ينافي معرفته وقدرته على لسان المقال ، والله أعلم بالحال . ( وإن كانت غير صالحة قالت لأهلها ) أي : لأقاربها أو لمن يحملها . ( يا ويلها ) أي : ويل الجنازة . قال الطيبي : أي : يا ويلي ، وهلاكي احضر ، فهذا أوانك ، فعدل عن حكاية قول الجنازة إلى ضمير الغائب حملا على المعنى كراهية إضافة الويل إلى نفسه . ( أين تذهبون بها ؟ يسمع صوتها ) : ووقع في أصل ابن حجر : يستمع من باب الافتعال ، وهو مخالف للرواية والدراية ، فقال : الظاهر أنه بمعنى يسمع . ( كل شيء ) أي : حتى الجماد ، وهو صريح في أن القول حقيقي إلا أن يحمل السماع على الفهم ، فيكون كقوله تعالى : ولكن لا تفقهون تسبيحهم . ( إلا الإنسان ) : بالنصب على الاستثناء . ( ولو سمع الإنسان ) أي : حقيقة السماع . ( لصعق ) أي : لمات أو غشي عليه ، ففيه بيان حكمة عدم سماع الإنسان من أنه يختل نظام العالم ، ويكون الإيمان شهوديا لا غيبيا ، ولذا قيل : لولا الحمقى لخربت الدنيا ، وقيل : الغفلة مانعة من الرحلة . ( رواه البخاري ) .




الخدمات العلمية