الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 1222 ] 1706 - وعنه : أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل قبرا ليلا فأسرج له بسراج فأخذه من قبل القبلة وقال : رحمك الله إن كنت لأواها تلاء للقرآن . رواه الترمذي ، وقال في شرح السنة : إسناده ضعيف .

التالي السابق


1706 - ( وعنه ) أي : عن ابن عباس . ( أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل قبرا ) أي : قبر ميت ليدفنه . ( ليلا ) قال ابن الملك : يدل على أن دفن الميت ليلا لا يكره . ( فأسرج ) ماض مجهول . ( له ) أي : للميت ، أو للنبي صلى الله عليه وسلم . ( بسراج ) أقيم مقام الفاعل ، والباء زائدة ، أي : أسرج على طرف القبر ليضيء . ( فأخذ ) أي : النبي صلى الله عليه وسلم الميت . ( من قبل القبلة ) في الأزهار : احتج أبو حنيفة بهذا الحديث على أن الميت يوضع في عرض القبر في جانب القبلة بحيث يكون مؤخر الجنازة إلى مؤخر القبر ، ورأسه إلى رأسه ، ثم يدخل الميت القبر ، وقال الشافعي ، والأكثرون : يسل من قبل الرأس بأن يوضع رأس الجنازة على مؤخر القبر ، ثم يدخل الميت القبر للإجماع بعد ذلك عليه ، قلت : لعله أراد بالإجماع اتفاق حفاري بلده أو أهل مذهبه . ( وقال ) أي : النبي صلى الله عليه وسلم في حق الميت . ( رحمك الله ) دعاء أو إخبار . ( إن كنت ) إن مخففة من الثقيلة ، ولذلك دخلت على فعل من أفعال المبتدأ ، ولزمها اللام الفارقة بينها وبين النافية ، أي : إنك كنت . ( لأواها ) بتشديد الواو أي : كثير التأوه من خشية الله ، أو كثير التضرع من محبة الله ، أو كثير البكاء من خوف ، أو كثير الدعاء لطلب رحمة الله ، في النهاية الأواه المتأوه المتضرع ، وقيل هو كثير البكاء ، أو الكثير الدعاء . ( تلاء ) بتشديد اللام أي : كثير التلاوة أو كثير المتابعة . ( للقرآن ) والمعنى يستحق بهما الرحمة الكاملة ، والمغفرة الشاملة . ( رواه الترمذي ، وقال في شرح السنة : إسناده ضعيف ) قال الشيخ الجزري : كأنه يشير إلى كون المنهال بن خليفة في إسناده ، وقد ضعفه ابن معين ، وقال ابن الهمام : قال الترمذي : حديث حسن اهـ . مع أن فيه الحجاج بن أرطأة ، ومنهال بن خليفة وقد اختلفوا فيهما ، وذلك يحط الحديث عن درجة الصحيح ، لا الحسن اهـ .

قال الحافظ أبو نعيم الأصفهاني في الحلية : إن الرجل المقبور كان عبد الله ذا البجادين ، نقله السيد ، وفي القاموس البجاد ، ككتاب : كساء مخطط ، وفيه عبد الله ذو البجادين دليل النبي صلى الله عليه وسلم اهـ . وقد ذكر السيوطي حديث ذي البجادين بطرق ، ثم قال : فهذه طرق متعددة تقتضي ثبوت الحديث ، وبه يتبين ضعف قول ابن حجر : ولم يلتفتوا إلى تحسين الترمذي ; لأنه ذكر فيه ما اتفقوا على ضعفه ، ثم قال : قال الشافعي وأصحابه : مع أنه لا يمكن إدخاله من قبل القبلة ; لأن شق قبره المكرم كان لاصقا بالجدار القبلي ، ولحده تحت الجدار ، فلا موضع هناك يوضع فيه ، وحينئذ يسقط تعلق أبي حنيفة بهذا الحديث ، قلت : مع قطع النظر عن المطابقة بين الحديث والدليل إنما هو دليل على أن سله صلى الله عليه وسلم بما كان للضرورة ، فتأمل ، وأنصف ، ولا تتبع المتعسف قال السيوطي : وغالب طرقه عن ابن مسعود قال : والله فكأني أرى رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك وهو في قبر عبد الله ذي البجادين ، وأبو بكر وعمر ، يقول : أدنيا مني أخاكما ، وأخذه من قبل القبلة ، حتى أسنده في لحده ، ثم خرج رسول صلى الله عليه وسلم وولاهما العمل ، فلما فرغ من دفنه استقبل القبلة رافعا يديه يقول : اللهم إني أمسيت عنه راضيا فارض عنه ، وكان ذلك ليلا ، فوالله ، لقد رأيتني ولو وددت أني مكانه .




الخدمات العلمية