الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
1728 - وعن أنس قال : مر النبي صلى الله عليه وسلم بامرأة تبكي عند قبر ، فقال : اتقي الله واصبري . قالت : إليك عني ، فإنك لم تصب بمصيبتي ، ولم تعرفه ، فقيل لها : إنه النبي صلى الله عليه وسلم فأتت باب النبي صلى الله عليه وسلم . فلم تجد عنده بوابين . فقالت : لم أعرفك ، فقال " : إنما الصبر عند الصدمة الأولى " متفق عليه .

التالي السابق


1728 - ( وعن أنس قال : مر النبي صلى الله عليه وسلم بامرأة تبكي ) أي : برفع صوت . ( عند قبر فقال : اتقي الله ) هذا توطئة لما بعده ، أي : خافي عقابه أو مخالفته بترك النياحة . ( واصبري ) حتى تؤجري . ( قالت ) أي : جاهلة بمن يخاطبها ، وظانة أنه من آحاد الناس ، وغافلة عما قيل : انظر إلى ما قال ، ولا تنظر إلى من قال . ( إليك ) اسم فعل أي : ابعد وتنح . ( عني ) ولا تلمني ، وما أبعد تقدير ابن حجر وتقريره وتحريره ، حيث قال : أي تباعد عني لأمرين : كوني امرأة وأنت ذكر أجنبي ، وكون حالك ليس كحالي . ( فإنك لم تصب ) على بناء المجهول أي : لم تبتل . ( بمصيبتي ) أي : بعينها أو بمثلها على زعمها . ( ولم تعرفه ) النبي أو ولم تعرفه أنه النبي صلى الله عليه وسلم ( فقيل لها ) : أي : بعد ما ذهب صلى الله عليه وسلم . ( إنه النبي صلى الله عليه وسلم فندمت ) على ما جاوبت به النبي صلى الله عليه وسلم . ( فأتت باب النبي صلى الله عليه وسلم فلم تجد عنده ) أي : عند بابه . ( بوابين ) كما هو عادة الملوك الجبابرة . ( فقالت : لم أعرفك ) أي : فلا تأخذ علي . قال الطيبي : كأنها لما سمعت أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم توهمت أنه على طريقة الملوك ، فقالت اعتذرا : لم أعرفك . ( فقال : إنما الصبر ) أي : الكامل المرضي المثاب عليه . ( عند الصدمة ) أي : الحملة . ( الأولى ) وابتداء المصيبة ، وأول لحوق المشقة ، وإلا فكل أحد يصبر بعدها . قال الطيبي : إذ هناك سورة المصيبة فيثاب على الصبر ، وبعدها تنكسر السورة ، ويتسلى المصاب بعض التسلي ، فيصير الصبر طبعا ، فلا يثاب عليها ) اهـ . أما إذا لم يصر الصبر طبعا ثم تذكر المصيبة ثم صبر ولو طال العهد فيثاب ، كما سيأتي في الحديث ، ولكن الدرجة الأعلى عند الصدمة الأولى . ( متفق عليه ورواه أبو داود ، والترمذي ، والنسائي ، ذكره ميرك .




الخدمات العلمية