الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
1828 - وعنه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " ليس المسكين الذي يطوف على الناس ترده اللقمة واللقمتان ، والتمرة والتمرتان ، ولكن المسكين الذي لا يجد غنى يغنيه ، ولا يفطن به فيتصدق عليه ، ولا يقوم فيسأل الناس " . متفق عليه .

التالي السابق


1828 - ( وعنه ) أي عن أبي هريرة ( قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " ليس المسكين " ) أي المذكور في قوله - تعالى - إنما الصدقات للفقراء والمساكين والمعنى ليس المسكين شرعا المسكين عرفا وهو " الذي يطوف " أي يدور ويتردد " على الناس " في أصل ابن حجر على الأبواب " ترده اللقمة واللقمتان والتمرة والتمرتان " جملة حالية . قال ابن الملك : أي ليس المسكين من يتردد على الأبواب ويأخذ لقمة فإن من فعل هذا ليس بمسكين لأنه يقدر على تحصيل قوته ، والمراد ذم من هذا فعله إذا لم يكن مضطرا ، وقال الطيبي : فينبغي أن لا يستحق الزكاة ، وقيل : ليس المراد نفي استحقاقه بل إثبات المسكنة لغير هذا المتعارف بالمسكنة وإثبات استحقاقه أيضا اهـ وهذا القيل هو القول لأن كلا منهما مصرف الزكاة حيث لا شيء لهما لكن الثاني أفضل وهذا معنى قوله " ولكن المسكين " وفي نسخة بتشديد النون أي : الكامل في المسكنة " الذي لا يجد غنى " أي شيئا أو مالا " يغنيه " أي عن غيره ويكفيه " ولا يفطن به " بصيغة المجهول أي لا يعلم باحتياجه " فيتصدق " بالرفع والنصب مجهولا " عليه ولا يقوم " أي لا يتعرض " فيسأل الناس " بالرفع والنصب معلوما بل يخفي حال نفسه ، وفي الحديث إشارة إلى ما في الكلام القديم للفقراء الذين أحصروا في سبيل الله لا يستطيعون ضربا في الأرض يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف تعرفهم بسيماهم لا يسألون الناس إلحافا أي أصلا وفيه حجة لما ذهب إليه أبو حنيفة ومالك ومن تبعهما من أن المسكين هو الذي لا يملك شيئا فهو أسوأ حالا من الفقير لأنه يملك ما لا يكفيه ، وأما ما ذكره بعض الشافعية من أنه - صلى الله عليه وسلم - تعوذ من الفقر في حديث الصحيحين وسأل المسكنة في حديث الترمذي - فمدفوع لأن حديث الترمذي قيل : ضعيف ، بل قال البيهقي : روي أنه - صلى الله عليه وسلم - تعوذ من المسكنة أيضا ثم حمل ذلك على أنه استعاذ من فتنة الفقر والمسكنة اللذين رجع معناهما إلى غاية القلة المؤدية إلى ما ورد : كاد الفقر أن يكون كفرا ، أو أراد به فقر القلب ، والحاصل أنه استعاذ من فتنة الفقر دون حال الفقر كما أنه استعاذ في الصحيحين من فتنة الغنى لا من حال الغنى ، وقد تحمل المسكنة التي سألها على التواضع اللازم لأهلها بأن لا يحشر في زمرة الأغنياء المتكبرين ( متفق عليه ) رواه أبو داود والنسائي .




الخدمات العلمية