الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
178 - وعن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من أكل طيبا ، وعمل في سنة ، وأمن الناس بوائقه ، دخل الجنة ) . فقال رجل : يا رسول الله ! إن هذا اليوم لكثير في الناس ؟ قال : ( وسيكون في قرون بعدي ) . رواه الترمذي .

التالي السابق


178 - ( وعن أبي سعيد الخدري ) : رضي الله عنه ( قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من أكل طيبا أي : من كان قوته حلالا ، ولم يقل حلالا ، لأن الطيب ما يفوح عنه ريح الورع أخذا من الطيب ، فما اكتسب على وجه ، تعلق بسوابقه أو قرائنه أو لواحقه معصية - لم يكن طيبا ( وعمل في سنة ) أي : في موافقة سنة وردت فيه ، أي : وعمل كل فعل يفعله وكل قول يقوله على وفق الشرع ، يعني : ويكون متمسكا في كل عمل بسنة ، أي : بحديث جاء في ذلك العمل حتى قضاء الحاجة وإماطة الأذى ، فالمراد شمول كل سنة لا واحدة منها غير معينة ، وقيل : تنكيرها للإشعار بأن العمل في موافقة واحدة منها مع أختيها مما يوجب دخول الجنة ، وقدم أكل الحلال لأنه مورث للعمل الصالح كما قال تعالى : كلوا من الطيبات واعملوا صالحا ( وأمن الناس بوائقه ) : البائقة : الداهية وهي المحنة العظيمة ، والمراد هنا الشرور ، وقد فسرت البوائق في بعض الأحاديث ، فروي : ظلمه وغشه ( دخل الجنة ) : أي : استحق دخول الجنة دخولا أوليا ( فقال رجل : يا رسول الله إن هذا ) : أي : الرجل الموصوف المذكور ( اليوم ) : ظرف مقدم لخبر " إن " ( لكثير في الناس ؟ ) : بحمد الله ، فما حال المستقبل ؟ ( قال ) : عليه الصلاة والسلام ( وسيكون ) أي هم كثيرون اليوم وسيوجد من يكون بهذه الصفة ( في قرون بعدي ) .

في الأزهار : القرن أهل عصر ، وقيل : أهل كل مدة أو طبقة ، وقيل : ثلاثون سنة ، وقيل : أربعون ، وقيل : ثمانون . وقيل : مائة ا هـ . والأصح أن القرن هاهنا أهل العصر ، فإن كل عصر هو أبعد من زمان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يكون الصلحاء فيهم أقل ممن قبلهم ، ولذا قال عليه الصلاة والسلام : " خير القرون قرني ثم الذين يلونهم " الحديث . وإنما قال ذلك - صلى الله عليه وسلم - في هذا الحديث نفيا للاستعجاب عن أصحابه رضي الله عنهم أجمعين . كذا قيل ، وأقول : وفيه تسلية لمن بعدهم من التابعين وأتباعهم إلى يوم الدين . وقال التوربشتي : يحتمل أنه ذكر ذلك حمدا لله وتحدثا بنعمه ، فقال : إن ذلك غير مختص بهذا القرن . رواه الترمذي ) . وكذا الحاكم .




الخدمات العلمية