الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
1922 - وعن أبي ذر قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " ثلاثة يحبهم الله ، وثلاثة يبغضهم الله ، فأما الذين يحبهم الله فرجل أتى قوما فسألهم بالله ولم يسألهم لقرابة بينه وبينهم ، فمنعوه ، فتخلف رجل بأعيانهم ، فأعطاه سرا لا يعلم بعطيته إلا الله والذي أعطاه ، وقوم ساروا ليلتهم حتى إذا كان النوم أحب إليهم مما يعدل به فوضعوا رءوسهم ، فقام يتملقني ويتلو آياتي ، ورجل كان في سرية فلقي العدو فهزموا ، فأقبل بصدره حتى يقتل أو يفتح له ، والثلاثة الذين يبغضهم الله الشيخ الزاني ، والفقير المختال ، والغني الظلوم " رواه الترمذي والنسائي .

التالي السابق


1922 - ( وعن أبي ذر قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ثلاثة يحبهم الله ، وثلاثة يبغضهم الله ، فأما الذين يحبهم الله فرجل ) أي معطي رجل ( أتى قوما ) وقال الطيبي - رحمه الله - : أي صاحب قوم ( فسألهم بالله ) أي مستعطفا بالله قائلا : أنشدكم بالله أعطوني ( ولم يسألهم لقرابة ) أي ولم يقل أعطوني بحق قرابة ( بينه وبينهم فمنعوه ) أي الرجل العطاء ( فتخلف رجل بأعيانهم ) الباء للتعدية أي بأشخاصهم وتقدم ( فأعطاه سرا ) وقيل : أي تأخر رجل من بينهم إلى جانب حتى لا يروه الأعيان الأشخاص أي سبقهم بهذا الخير فجعلهم خلفه ، وفي رواية للطبراني " فتخلف رجل عن أعيانهم " وهذا أشد معنى والأول أوثق سندا ، والمعنى أنه تخلف عن أصحابه حتى خلا بالسائل فأعطاه سرا ، قيل : ويحتمل أن يكون بأعيانهم متعلقا بمحذوف أي تخلف عنهم مستترا بظلالهم ، وأعيانهم أي أشخاصهم ، قال المظهر : إنما أحبه الله لتعظيم اسمه وتصدقه حين خالفه القوم في ذلك اهـ والأظهر أن سبب زيادة المحبة له ولصاحبيه الآتيين مخالفة الخلق وموافقة الحق مع الإخلاص والصدق " لا يعلم بعطيته إلا الله والذي أعطاه ) تقرير لمعنى السر ( وقوم ) أي وقائم قوم ( ساروا ليلتهم حتى إذا كان النوم أحب إليهم " أي أطيب وألذ ( مما يعدل به ) أي من كل شيء يقابل ويساوى بالنوم ( فوضعوا رءوسهم ) أي فناموا ( فقام ) أي من النوم أو عنه ذلك الرجل ( يتملقني ) أي يتواضع لدي ويتضرع إلي ، قال الطيبي - رحمه الله - : الملق بالتحريك زيادة في التودد والدعاء والتضرع ، قيل : دل أول الحديث على أنه من كلامه - صلى الله عليه وسلم - وآخره على أنه من كلامه - تعالى - ووجه بأن مقام المناجاة يشتمل على أسرار ومناجاة بين المحب والمحبوب ، فحكى الله لنبيه ما جرى بينه وبين عبده ، فحكى النبي - صلى الله عليه وسلم - ذلك لا بمعناه إذ لا يقال يتملق الله وليس هذا من الالتفات في شيء ( ويتلو آياتي ) أي يقرأ ألفاظها ويتبعها بالتأمل في معانيها ( ورجل كان في سرية ) أي جيش ( فلقي العدو فهزموا ) أي أصحابه ( فأقبل بصدره ) أي خلاف من ولى دبره بتوليه ظهره ( حتى يقتل أو يفتح له ) أي حتى يفوز بإحدى الحسنيين ( والثلاثة الذين يبغضهم الله الشيخ الزاني ) يحتمل أن يراد بالشيخ الشيبة ضد الشاب وأن يراد به المحصن ضد البكر كما في الآية المنسوخة " الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما ألبتة نكالا من الله والله عزيز حكيم " ( والفقير المختال ) أي المتكبر فإنه صدقة ( والغني الظلوم ) أي كثير الظلم في المطل وغيره ، وإنما خص الشيخ وأخويه بالذكر لأن هذه الخصال فيهم أشد مذمة وأكثر نكرة ( رواه الترمذي والنسائي ) .

[ ص: 1348 ]



الخدمات العلمية