الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 1385 ] 1990 - وعن سلمان بن عامر قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إذا أفطر أحدكم فليفطر على تمر فإنه بركة ، فإن لم يجد فليفطر على ماء ، فإنه طهور " رواه أحمد والترمذي وأبو داود وابن ماجه والدارمي ، ولم يذكر : فإنه بركة غير الترمذي في رواية أخرى .

التالي السابق


1990 - ( وعن سلمان بن عامر قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إذا أفطر أحدكم فليفطر " ) الأمر للندب " على تمر " أي على تمرة اكتفاء بأصل السنة ، وإلا فأدنى كمالها ثلاث كما سيأتي ، مع أن التمر اسم جنس " فإنه " أي التمر " بركة " أي ذو بركة وخير كثير ، أو أريد به المبالغة ، ولعل الحكمة فيه أن الحلاء يسرع القوة إلى القوي ، وفيه إيماء إلى حلاوة الإيمان ، وإشارة إلى زوال مرارة العصيان ، قال الطيبي : أي فإن الإفطار على التمر فيه ثواب كثير وبركة ، وفيه أنه يرد عليه عدم حسن المقابلة بقوله فإنه طهور ، وقال ابن الملك : الأولى أن تحال علته إلى الشارع ، وأما ما يجري في الخاطر وهو أن التمر حلو وقوت ، والنفس قد تعبت بمرارة الجوع فأمر الشارع بإزالة هذا التعب بشيء هو قوت وحلو ، وقال ابن حجر : ومن خواص التمر أنه إذا وصل إلى المعدة إن وجدها خالية حصل به الغذاء وإلا أخرج ما هناك من بقايا الطعام ، وقول الأطباء إنه يضعف البصر محمول على كثيره المضر دون قليله فإنه يقويه " فإن لم يجد " أي التمر ونحوه من الحلويات " فليفطر على ماء فإنه " أي الماء " طهور " أي بالغ في الطهارة فيبتدأ به تفاؤلا بطهارة الظاهر والباطن ، قال الطيبي : أي لأنه مزيل المانع من أداء العبادة ، ولذا من الله - تعالى - على عباده وأنزلنا من السماء ماء طهورا وقال ابن الملك : يزيل العطش عن النفس اهـ ويؤيده قوله - صلى الله عليه وسلم - عند الإفطار : " ذهب الظمأ " كما سيأتي ( رواه أحمد والترمذي وأبو داود وابن ماجه والدارمي ولم يذكر ) أي أحد قوله " فإنه بركة " غير الترمذي ، وفي نسخة : لم يذكروا بصيغة الجمع فـ ( غير ) منصوب على الاستثناء ( في رواية أخرى ) أي لهم أو له ، وهذا غير موجود في أكثر النسخ ، قال ابن حجر : ونحوه خبر الترمذي وصححوه " إذا كان أحدكم صائما فليفطر على التمر ، فإن لم يجد التمر فعلى الماء فإنه طهور " وهذا الترتيب لكمال السنة لا لأصلها اهـ وفيه بحث لا يخفى ، لأنه إن كان التمر موجودا وبدأ بالماء أو اقتصر عليه فلا شك في مخالفة السنة ، وإن لم يكن موجودا فأتى بالسنة فالترتيب معتبر كما في أمثاله من الآيات القرآنية والأحكام الحديثية ، ويؤكده الحديث الآتي وهو قوله .




الخدمات العلمية