الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
2003 - وعن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " من نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليتم صومه ، فإنما أطعمه الله وسقاه " متفق عليه .

التالي السابق


2003 - ( وعن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " من نسي " ) أي أنه في الصوم " وهو صائم فأكل أو شرب " وفي رواية البخاري : فأكل وشرب " فليتم صومه " يدل على مذهبنا من وجوب إتمامه فرضا أو نفلا ، فاندفع تقييد ابن حجر بقوله : وجوبا عليه إن كان فرضا ، وفي رواية سندها صحيح أو حسن : " من أفطر في شهر رمضان ناسيا فلا قضاء عليه ولا كفارة " للخبر المشهور : " رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه " قال ابن الهمام : واختلفوا فيما إذا أكل ناسيا فقيل له : أنت صائم ، فلم يتذكر واستمر ثم تذكر ، فإنه يفطر عند أبي حنيفة وأبي يوسف ، لأنه أخبر بأن الأكل حرام عليه ، وخبر الواحد حجة في الديانات ، فكان يجب أن يلتفت إلى تأمل الحال ، وقال زفر والحسن : لا يفطر ، قال ابن الملك : إطلاق الحديث يدل على أنه لا يفطر وإن كان الأكل والشرب كثيرا ، وقال مالك : يبطل الصوم ، وهو قول الشافعي ، ثم لما لم يكن أكله وشربه باختياره المقتضي لفساد صومه بل لأجل إنسائه - تعالى - له لطفا به وتيسيرا عليه بدفع الحرج عن نفسه علله - صلى الله عليه وسلم - بقوله " فإنما أطعمه الله وسقاه " في شرح النقاية للشمني : قال مالك : عليه القضاء دون الكفارة ، وقال الأوزاعي والليث : يجب القضاء في الجماع دون الأكل والشرب ، وقال أحمد : يجب القضاء والكفارة في الجماع دون الأكل والشرب لما روى ابن حبان وابن خزيمة في صحيحيهما ، والحاكم قال : صحيح على شرط مسلم من حديث أبي هريرة : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " من أفطر في رمضان ناسيا فلا قضاء عليه ولا كفارة " ، وأما إن أفطر خطأ أو مكرها فإنه يقضي فقط ، وهو قول مالك ، وقال الشافعي : لا يقضي فيهما لقوله - تعالى - وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به وقوله - صلى الله عليه وسلم - : " رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه " ولنا أن المفطر وصل إلى جوفه فيفسد صومه ، وهو القياس في الناسي ، إلا أنا نزلناه فيه للحديث السابق ، وصار كما إذا أكره على أن يأكل بيده ، وأجيب عن الآية والحديث أن المراد بهما نفي المأثم ورفعه ، كذا ذكره الشمني ( متفق عليه ) قال ابن الهمام : الحديث في الصحيحين وغيرهما ، وحمله على أن المراد بالصوم اللغوي فيكون أمرا بالإمساك بقية يومه ، كالحائض إذا طهرت في أثناء اليوم ونحوه ، مدفوع أولا بأن الاتفاق على أن الحمل على المفهوم الشرعي حيث أمكن في لفظ الشارع وجب ، وثانيا بأن نفس اللفظ يدفعه ، وهو قوله فليتم صومه ، وصومه إنما كان الشرعي ، فإتمام ذلك إنما يكون بالشرعي ، وثالثا بأن في صحيح ابن حبان وسنن الدارقطني : أن رجلا سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : إني كنت صائما فأكلت وشربت ناسيا ، فقال - صلى الله عليه وسلم - : " أتم صومك ، فإن الله أطعمك وسقاك " وفي لفظ : ولا قضاء عليك ، ورواه البزار بلفظ الجماعة وزاد فيه : فلا تفطر .




الخدمات العلمية