الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
الفصل الثالث

2027 - عن جابر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خرج عام الفتح إلى مكة في رمضان فصام حتى بلغ كراع الغميم فصام الناس ، ثم دعا بقدح من ماء فرفعه حتى نظر الناس إليه ثم شرب ، فقيل له بعد ذلك : إن بعض الناس قد صام ، فقال : " أولئك العصاة أولئك العصاة " . رواه مسلم .

التالي السابق


الفصل الثالث

2027 - ( وعن جابر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خرج عام الفتح إلى مكة في رمضان فصام حتى بلغ كراع الغميم ) بضم الكاف وفتح الغين المعجمة واد بالحجاز منتهاه قريب من عسفان ، سمي ذلك المنتهى كراعا لأنه يشبه [ ص: 1405 ] كراع الغنم وهو ما دون الركبة من الساق ذكره ابن حجر ، وفي النهاية هو اسم موضع بين مكة والمدينة ، والكراع جانب مستطيل من الحرة تشبيها بالكراع والغميم بالفتح واد بالحجاز ( فصام الناس ) عطف على فصام أي صام هو وأصحابه ( ثم دعا بقدح من ماء فرفعه ) أي القدح أو الماء ( حتى نظر الناس إليه ) عليه الصلاة والسلام ( ثم شرب ) أي ليتابعه الناس بما اقتضى رأيه الذي فوق كل قياس ( فقيل له ) أي للنبي - صلى الله عليه وسلم - ( بعد ذلك ) أي بعد إفطاره ( إن بعض الناس ) ظنا منهم أن إفطاره كان بيان الجواز ( قد صام ) أفرد الضمير للفظ البعض ثم رجع لمعناه ( قال : أولئك العصاة ) حيث عملوا بالظن مع القدرة على اليقين بالسؤال منه - عليه الصلاة والسلام - ( أولئك العصاة ) كرره تأكيدا أو تشديدا ، قال الطيبي : التعريف في الخبر للجنس أي الكاملون في العصيان ، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما رفع قدح الماء ليراه الناس فيتبعوه في قبول رخصة الله - تعالى - فمن صام فقد بالغ في عصيانه اهـ وهو محمول على الزجر والتغليظ لأن الظاهر أن هذا وقع منهم بناء على خطأ في اجتهادهم إذ لم يقع أمر صريح بإفطارهم ، قال النووي : وهذا محمول على من تفرد بالصوم ، وإنهم أمروا بالفطر أمرا حازما لمصلحة بيان جوازه ، وقال ابن الهمام : محمول على ما استضروا به بدليل ما ورد في صحيح مسلم في لفظ منه ، فقيل له : إن الناس قد شق عليهم الصوم ، ورواه الواقدي في المغازي وفيه : وكان أمره بالفطر فلم يقبلوا ، والعبرة وإن كانت بعموم اللفظ لا بخصوص السبب لكن يحمل عليه دفعا للمعارضة بين الأحاديث فإنها صريحة في الصوم في السفر ( رواه مسلم ) .




الخدمات العلمية