الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
2101 - وعن ابن عمر أن عمر سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : كنت نذرت في الجاهلية أن أعتكف ليلة في المسجد الحرام ، قال : " فأوف بنذرك " متفق عليه .

التالي السابق


2101 - ( وعن ابن عمر أن عمر سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : كنت نذرت في الجاهلية ) ، أي ما كان عليه العرب قبل بعثته - صلى الله عليه وسلم ، وقيل : المراد بها ما قبل ظهور الإسلام ، فإن نذر عمر إنما كان بعد إسلامه ، لكنه لم يتمكن منه لشدة شوكة قريش ومنعهم منه ( أن أعتكف ليلة ) ، أي بيومها كما في رواية ( في المسجد الحرام ، قال : " فأوف بنذرك " ) وفي رواية : وصم ، والأمر للندب إن كان نذره قبل الإسلام ، قال الطيبي : دل الحديث على أن نذر الجاهلية إذا كان موافقا لحكم الإسلام وجب الوفاء به ، قال ابن الملك : أي بعد الإسلام ، وعليه الشافعي ، وقال أبو حنيفة : لا يصح نذره ، قال الطيبي : وفيه دليل على أن من حلف في عمره فأسلم ثم حنث لزمه الكفارة ، وهو مذهب الشافعي ، وفيه دليل على أن الصوم ليس شرطا لصحة الاعتكاف ، وعلى أنه إذا نذر الاعتكاف في المسجد الحرام لا يخرج عن نذره بالاعتكاف في موضع آخر اهـ وفي الأخير نظر ، وأما الجواب عن الصوم فقال الشمني : أما اعتكاف عمر فرواه أبو داود والنسائي والدارقطني بلفظ : أن عمر جعل على نفسه أن يعتكف في الجاهلية ليلة أو يوما عند الكعبة ، فسأل النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : " اعتكف وصم " ، ولفظ النسائي والدارقطني : فأمره أن يعتكف ويصوم ، وقال ابن الهمام : وفي الصحيحين أيضا : عن عمر أنه جعل على نفسه أن يعتكف يوما ، فقال : " أوف بنذرك " ، والجمع بينهما أن المراد الليلة مع يومها ، أو اليوم مع ليلته ، وغاية ما فيه أنه سكت عن ذكر الصوم في هذه الرواية ، وقد وردت برواية الثقة فيجب قبولها اهـ مختصرا ، وبه بطل قول ابن حجر في أمره - صلى الله عليه وسلم - له باعتكاف ليلة أوضح تصريح بأنه [ ص: 1449 ] ( لا يشترط في صحة الاعتكاف صوم ، قال الشمني : واعلم أن الصوم شرط لصحة الاعتكاف الواجب ، رواية واحدة ، ولصحة التطوع رواية الحسن عن أبي حنيفة ، أما في رواية الأصل وهو قول محمد بل قيل : إنه ظاهر الرواية عن العلماء الثلاثة فليس بشرط لأن مبنى النفل على المساهلة ، ويحمل عليه ما رود : ليس على المعتكف صوم ، إلا أن يجعله على نفسه ، هذا وقد قال ابن حجر : قوله فأوف ، أي ندبا لا وجوبا لاستلزامه الصحة ، ونذر الكافر لا يصح ، وأما قول شارح تقليدا للكرماني شارح البخاري فيه من الفقه أن نذر الجاهلية إذا كان على وفق حكم الإسلام عمل به ، ووجب الوفاء به بعد الإسلام ، وإن الكافر تنعقد يمينه ويصح ظهاره ويلزمه الكفارة اهـ فهو ضعيف في مذهبهما بالنسبة لمسألة النذر وغير صحيح فيما بعدها لأنه لا يؤخذ إلا بالقياس على ذلك الضعيف ، وعلى الأصح الفرق بين النذر والأخيرين أنهما ليسا من العبادات فصحا منه بخلاف النذر فإنه عبادة فلم يصح منه ( متفق عليه ) .




الخدمات العلمية