الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
2188 - وعن ابن مسعود قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10360228بئس ما لأحدهم أن يقول نسيت آية كيت وكيت بل نسي ، nindex.php?page=treesubj&link=28897واستذكروا القرآن فإنه أشد تفصيا من صدور الرجال من النعم " . متفق عليه ، وزاد مسلم : بعقلها .
2188 - ( وعن ابن مسعود قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : بئس ما لأحدهم ) ما نكرة موصوفة ، وقوله ( أن يقول ) مخصوص بالذم كقوله - تعالى - nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=90بئسما اشتروا به أنفسهم أن يكفروا بما أنزل الله أي بئس شيئا كائنا للرجل قوله ( نسيت آية كيت وكيت بل نسي ) بالتشديد ، وفي رواية : بل هو نسي ، وهذا المقدار حديث مستقل رواه أحمد والشيخان nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي ، وهذا تلقين وتعليم أن يقول : نسيت لا نسيت كما ورد في الصحيحين : nindex.php?page=hadith&LINKID=10360229لا يقل أحدكم نسيت آية كذا بل هو نسي ، قال النووي : يكره أن يقول نسيت آية كذا بل يقول أنسيتها اهـ وفي الأول إشعار بعدم التقصير وإيماء إلى فعل يخالف القضاء والتقدير ، وفي الثاني نسبة النسيان بمعنى الترك الذي هو العصيان إلى ذاته مع الإبهام إلى عدم مبالاته ، وأما قول ابن حجر : لا تقول : نسيت آية كذا لأنه لم [ ص: 1496 ] ينس ، أي لم يكن له فعل في النسيان بوجه مطلقا اهـ وهو غير صحيح بإطلاق ، وقال الطيبي : قوله بل نسي إشارة إلى عدم تقصيره في المحافظة لكن الله أنساه لمصلحة ، قال الله - تعالى - nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=106ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها وقوله نسيت يدل على أنه لم يتعاهد القرآن ، وقال شارح آخر : يحتمل أن هذا خاص بزمان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ويكون معنى قوله نسي ، أي نسخت تلاوته نهاهم عن هذا القول لئلا يتوهم الضياع على محكم القرآن ، فأعلمهم بأن ذلك من قبل الله - تعالى - لما رأى فيه من الحكمة يعني نسخ التلاوة ، وقال ابن حجر : أي أن الله - سبحانه - هو الذي أنساها له بسبب منه تارة بأن ترك nindex.php?page=treesubj&link=28897تعهد القرآن ، فإن ترك تعهده سبب في نسيانه عادة لا بسبب منه أخرى ، ثم قال : رأيت شارحين قررا هذا بغير ما ذكرته ، لكن يرده قول أئمتنا : nindex.php?page=treesubj&link=28897_24908يكره للإنسان أن يقول : نسيت آية كذا ، وإنما يقول : أنسيتها أو أسقطتها لما صح أنه - عليه الصلاة والسلام - nindex.php?page=hadith&LINKID=10360230سمع رجلا يقرأ بالليل فقال : " يرحمه الله لقد أذكرني آية كنت أسقطتها " وفي رواية صحيحة : كنت أنسيتها اهـ وهو رد غريب ووجه عجيب ، وقال أبو عبيدة : أما الحريص على حفظ القرآن الذي يدأب في تلاوته لكن النسيان يغلبه فلا يدخل في هذا الحكم ، بدليل هذا الحديث ، وقيل : معنى نسي عوقب بالنسيان على ذنب أو سوء تعهد بالقرآن وهو مأخوذ من قوله - تعالى - nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=126أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى ومن الحديث المشهور ( nindex.php?page=hadith&LINKID=2004272عرضت علي ذنوب أمتي فلم أر أعظم ذنبا من رجل أوتي آية فنسيها ) ثم النسيان عند علمائنا محمول على حال يقدر عليه بالنظر سواء كان حافظا أم لا ، والله أعلم ( واستذكروا القرآن ) أي استحضروه في القلب والواو استئنافية أو لعطف جملة على جملة ، قال الطيبي : التاء للمبالغة أي اطلبوا من أنفسكم ذكر القرآن ، وهو عطف على قوله " بئس " من حيث المعنى ، أي لا تقصروا في معاهدة القرآن واستذكروه ( فإنه أشد تفصيا ) ، أي تشردا ( من صدور الرجال ) ، أي الحفاظ ، ومن متعلق بتفصيا ( من النعم ) بفتحتين ، في القاموس : النعم وقد يكسر عينه الإبل والشاة أو خاص بالإبل جمعه أنعام ، قال ابن الملك : هي المال الراعية وأكثر استعماله في الإبل ، وهو متعلق بأشد ، أي أشد من تفصي النعم المعقلة ، وتخصيص الرجال بالذكر لأن حفظ القرآن من شأنهم ( متفق عليه ، وزاد مسلم : بعقلها ) بضمتين .