الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
2218 - وعن ابن عباس قال : ( كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يعرف فصل السورة حتى ينزل عليه بسم الله الرحمن الرحيم ) . رواه أبو داود .

التالي السابق


2218 - ( وعن ابن عباس قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يعرف فصل السورة ) بالصاد المهملة : أي انفصالها وانقضاءها ، أو فصلها عن سورة أخرى ( حتى ينزل عليه بسم الله الرحمن الرحيم ) تعلق به أصحابنا حيث قالوا : إن البسملة آية أنزلت للفصل ، وظاهر الحديث أن الإنزال مكرر ولا محذور فيه ، بل يدل على شرفها لتكرار نزول الفاتحة على قول ، وقالالطيبي : هذا الحديث والذي سيرد في آخر الباب دليلان ظاهران على أن البسملة جزء من كل سورة أنزلت مكررة للفصل ، قلت : لا دلالة في الحديثين على الجزئية لا على وجه الجزئية ولا على وجه الكلية ، بل فيها دلالة إجمالية على أنها من الآيات القرآنية والأجزاء الفرقانية ، بل قال الباقلاني : فيه دلالة على أن البسملة ليست قرآنا وإنما هي فاصلة بين السورتين ، لكن الصواب أنها آية لوصفها بالإنزال ، ولعل الغزالي لهذا قال : ما من منصف إلا ويسترده ويضعفه لكنها غير متعلقة بسورة سوى ما في النمل ويدل عليه عدم كتابتها في أول التوبة بناء على التوقيف في محلها ، ولا ينافيه ما ورد من النكتة والحكمة في عدم إشارة الشارع إلى كتابتها في أولها عن علي أن البسملة آية رحمة والسورة متضمنة للبراءة والمقاتلة ، وهذا معنى قول الشاطبي : ومهما تصلها أو بدأت براءة لتنزيلها بالسيف لست مبسملا

وأما قول ابن حجر : ومما يدل لمذهبنا أن البسملة آية كاملة من أول كل سورة على الأصح عندنا غير براءة إجماعا خبر مسلم عن أنس : ( بينا النبي - صلى الله عليه وسلم - بين أظهرنا إذ أغفى إغفاءة ثم رفع رأسه متبسما فقلنا ما أضحكك يا نبي الله قال : أنزلت علي أنفا سورة ، فقرأ بسم الله الرحمن الرحيم إنا أعطيناك الكوثر إلى آخرها ) وفيه أنه لا دلالة على المطلوب فإن قراءته بالبسملة إظهارا بفصل السورة ، أو تبركا بالتسمية ، لا يدل على أنها جزء السورة فضلا عن أن تكون آية كاملة من أول كل سورة ، ثم قال : وخبر البخاري عنه أنه سئل عن قراءة النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : ( كانت مدا ثم قرأ بسم الله الرحمن الرحيم ، يمد بسم الله ، ويمد الرحمن ، ويمد الرحيم ) اهـ . وهذا أبعد دلالة لأنه أراد به المثال مع أنها من جملة القرآن في النمل إجماعا ، وللفصل عند الجمهور ، واعلم أنه لا يكفر جاحد البسملة ولا مثبتها إجماعا خلافا لمن غلط فيه في الجانبين . ( رواه أبو داود ) وصححه الحاكم .




الخدمات العلمية