الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
2380 - ( وعن أسامة بن زيد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في قول الله - عز وجل - فمنهم ) الفاء تفصيل لقوله : nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=32ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم وقيل : من العباد ( nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=32ظالم لنفسه ) أي : بارتكاب المنهيات ( nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=32ومنهم مقتصد ) أي : يخلط الحسنات بالسيئات ( nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=32ومنهم سابق بالخيرات ) أي : بالطاعات والعبادات ( قال ) أي النبي - صلى الله عليه وسلم - - ( كلهم في الجنة ) إيذان بأن : nindex.php?page=treesubj&link=29468_29680جنات عدن يدخلونها مبتدأ خبر الضمير للثلاثة أو للمقتصد والسابق فإن المراد بهما الجنس . وقوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=32ذلك هو الفضل الكبير إشارة إلى الإيراث أو الاصطفاء أو السابق فإن المراد ما قرره القاضي ، وليس كما قال الكشاف من أن ( جنات ) بدل من الفضل الكبير المعني به السبق وأخرج الظالم والمقتصد من هذا العام ومن الفضل الكبير والجنات ، ويطابق التفسير الأول قولهم : nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=34إن ربنا لغفور شكور أي : كثير الغفران للظالم وكثير الشكر أي : الإثابة للسابق فالتأم السابق واللاحق ( رواه البيهقي في كتاب البعث والنشور ) وروى ابن مردويه والبيهقي أيضا في البعث عن عمر مرفوعا ولفظه : سابقنا سابق ومقتصدنا ناج وظالمنا مغفور له ، وعن عائشة - رضي الله عنه - لثوبان : أما السابق فمن مضى على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وشهد له بالجنة ، وأما المقتصد فمن اتبع أثره من أصحابه حتى لحق به ، وأما الظالم فمثلي ومثلك ، وعن علي - كرم الله وجهه - الظالم أنا والمقتصد أنا والسابق أنا ، فقيل له : فكيف ذلك ؟ قال : أنا الظالم بمعصيتي ومقتصد بتوبتي وسابق بمحبتي ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري : السابق من رجحت حسناته على سيئاته والمقتصد من استوت حسناته وسيئاته والظالم الذي ترجحت سيئاته على حسناته ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=15639جعفر الصادق : فرق المؤمنين ثلاث فرق ، ثم سماهم .
( عبادنا ) أضافهم إلى نفسه تفضلا منه وكرما وجعلهم أصفياء مع علمه بتفاوت معاملاتهم ، ثم جمعهم في آخر الآية فقال : ( nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=33جنات عدن يدخلونها ) وبدأ بالظالمين إخبارا بأنه لا يتقرب إليه إلا بمحض كرمه ، وأن الظلم لا يؤثر في الاصطفائية ، ثم ثنى بالمقتصدين لأنهم بين الخوف والرجاء ، ثم ختم بالسابقين لئلا يأمن أحد مكره ولا يقنط من كرمه ، وكلهم في الجنة بحرمة كلمة الإخلاص ، وقال الجنيد : لما ذكر الميراث دل على أن الخلق فيه خاص وعام ، وأن الميراث لمن هو أقرب نسبا ، وأصح أدبا فتصحيح النسبة هو الأصل فالظالم الذي يحبه لنفسه ، والمقتصد الذي يحبه له ، والسابق الذي أسقط عنه مراده بمراد الحق فيه فلا يرى لنفسه طلبا ولا مرادا لغلبة سلطان الحق عليه ، وقيل : الظالم الذي يجزع عند البلاء والمقتصد الذي يصبر على البلاء والسابق الذي يشكر على البلاء ، وقيل غير ذلك .