الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
2565 - وعنه قال : رمل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الحجر إلى الحجر ثلاثا ، ومشى أربعا ، وكان يسعى ببطن المسيل إذا طاف بين الصفا والمروة . رواه مسلم .

التالي السابق


2565 - ( وعنه ) أي : عن ابن عمر - رضي الله عنهما - ( قال : رمل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الحجر ) أي : الأسود ( إلى الحجر ) فيه رد على من قال : إنه لم يرمل بين الركنين ( ثلاثا ، ومشى أربعا ، ومن يسعى ) أي : يسرع ، ويشتد عدوا ( ببطن المسيل ) : اسم موضع بين الصفا والمروة ، وجعل علامته بالأميال الخضر ( إذا طاف ) أي : سعى ( بين الصفا والمروة ) .

والسعي : واجب عندنا ركن عند الشافعي ، والإسراع سنة اتفاقا ( رواه مسلم ) ، اعلم أن رمله - عليه الصلاة والسلام - وأصحابه الكرام من الحجر إلى الحجر ، وكان في حجة الوداع سنة عشر ، فلذا قدموه على خبر مسلم أيضا الواقع في عمرة القضاء سنة سبع ، فإنهم لما قدموا ليفعلوها قال كفار مكة فيهم : إن حمى يثرب [ ص: 1785 ] وهنتهم ، وجلسوا مما يلي الحجر ، فأمر - عليه الصلاة والسلام - أصحابه أن يرملوا فيما يلي الحجر فقط ، فتعجب المشركون من بقاء جلدهم ، وقوتهم ، ولذا جاء في رواية أبي داود ( كأنهم الغزلان ) ، قال ابن عباس رواية : لم يمنعه - صلى الله عليه وسلم - أن يرملوا الأشواط كلها إلا الإبقاء عليهم ، واستمر شرعه بدليل فعله - عليه الصلاة والسلام - له في حجة الوداع ، مع زوال سببه من إظهار القوة للكفار ليستحضر فاعله سببه ، وهو ظهور الكفار ، لا سيما بذلك المحل الأشرف ، ثم انطفاءه كأن لم يكن فيزيد شكره لربه على إعزاز دينه ، وليتذكر أحوال الصحابة - رضي الله عنهم - وما قاسوا عليه من الشدة في الخدمة .

وصح عن عمر أنه قال : فيما الرمل وكشف المناكب في الاضطباع ، وقد أظهر الله الإسلام ، ونفى الكفر وأهله ، ومع ذلك لا نترك شيئا نصنعه مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .




الخدمات العلمية