الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
2579 - وعن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول " إن الركن والمقام ياقوتتان من ياقوت الجنة ، طمس الله نورهما ، ولو لم يطمس نورهما لأضاء ما بين المشرق والمغرب " . رواه الترمذي .

التالي السابق


2579 - ( وعن ابن عمر - رضي الله عنهما ، قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " إن الركن ) أي : الحجر الأسود ( والمقام ) : أي : مقام إبراهيم - عليه الصلاة والسلام - ( ياقوتتان من ياقوت الجنة ) : المراد به الجنس ، فالمعنى أنهما من يواقيت الجنة ( طمس الله ) أي : أذهب ( نورهما ) : أي : بمساس المشركين لهما ، ولعل الحكمة في طمسهما ليكون الإيمان غيبيا لا عينيا ( ولو لم يطمس ) : على بناء الفاعل ، ويجوز المفعول ( نورهما لأضاءا ) : بالتثنية ( ما بين المشرق ، والمغرب ) : فأضاءه متعد ، وفي نسخة بصيغة الإفراد ، أي : لأضاء كل واحد ، والله سبحانه بهما أعلم ، أو هي لازم أي : لاستنار بهما ما بين المشرق والمغرب .

[ ص: 1791 ] ( رواه الترمذي ) : وهو لا ينافي ما صح أيضا ، ولولا ما مسهما من خطايا بني آدم لأضاء ما بين المشرق والمغرب ، فإنهما لما مستهما تلك الخطايا طمس الله نورهما ، ومما يؤيد كون الركن من الجنة ، أنه لما أخذته الكفرة القرامطة بعد أن غلبوا بمكة حتى ملئوا المسجد ، وزمزم من القتلى ، وضرب الحجر بعضهم بدبوس ، قال : إلى كم تعبد من دون الله ؟ ثم ذهبوا به إلى بلادهم نكاية للمسلمين ، ومكث عندهم بضعا وعشرين سنة ، ثم لما صولحوا بمال كثير على رده قالوا : إنه اختلط بين حجارة عندنا ، ولم نميزه الآن من غيره ، فإن كانت لكم علامة تميزه فأتوا بها وميزوه ، فسئل أهل العلم عن علامة تميزه ؟ فقالوا : إن النار لا تؤثر فيه ; لأنه من الجنة ، فذكروا لهم ذلك ، فامتحنوا وصار كل حجر يلقونه في النار ينكسر حتى جاءوا إليه ، فلم تقدر النار على أدنى تأثير فيه ، فعلموا أنه هو فردوه . قيل : ومن العجب أنه في الذهاب مات تحته من شدة ثقله إبل كثيرة ، وفي العود حمله جمل أجوب إلى مكة ، ولم يتأثر به .




الخدمات العلمية