الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
262 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إن أناسا من أمتي سيتفقهون في الدين ويقرءون القرآن ، ويقولون : نأتي الأمراء فنصيب من دنياهم ونعتزلهم بديننا . ولا يكون ذلك ، كما لا يجتنى من القتاد إلا الشوك ، كذلك لا يجتنى من قربهم إلا - قال محمد بن الصباح : كأنه يعني - الخطايا " . رواه ابن ماجه .

التالي السابق


262 - ( وعن ابن عباس قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( إن أناسا ) : بضم الهمزة أي : جماعة ( من أمتي سيتفقهون ) : أي سيدعون الفقه كذا قاله الطيبي أو يطلبون الفقه ويحصلونه ( في الدين ويقرءون القرآن ) : أي بالقراءات أو بتفسير الآيات ويأتون الأمراء لا لحاجة ضرورية إليهم ، بل لإظهار الفضلية والطمع لما في أيديهم من المال والجاه ، فإذا قيل لهم : كيف تجمعون بين التفقه والتقرب إليهم ( يقولون ) : وفي نسخة ويقولون ( نأتي الأمراء فنصيب ) : أي : نأخذ ( من دنياهم ونعتزلهم ) : أي : نبعد عنهم ( بديننا ) : بأن لا نشاركهم في إثم يرتكبونه . قال عليه الصلاة والسلام ( ولا يكون ذلك ) : أي : لا يصح ولا يستقيم ما ذكر من الجمع بين الضدين ثم مثل وقال ( كما لا يجتنى ) : أي : لا يؤخذ ( من القتاد ) : بفتح القاف شجر كله شوك ( إلا الشوك ) : لأنه لا يثمر إلا الجراحة والألم فالاستثناء منقطع ( كذلك لا يجتنى ) : أي : لا يحصل ( من قربهم إلا ) : وقع كلامه عليه الصلاة والسلام بلا ذكر الاستثناء لكمال ظهوره . ( قال محمد بن الصباح ) : أحد رواة الحديث ( كأنه ) : أي النبي - صلى الله عليه وسلم - ( يعني ) : أي : يريد النبي - صلى الله عليه وسلم - بالمستثنى المقدر بعد إلا ( الخطايا ) : وهي مضرة الدارين ، ولقد أشار إلى كثير منها بعض من كتب للزهري لما خالط السلاطين بقوله في جملة مواعظ وعظه بها : واعلم أن أيسر ما ارتكبت ، وأخف ما احتملت ، أنك آنست وحشة الظلمة ، وسهلت سبيل الغي بدنوك ممن لم يؤد حقا ، ولم يترك باطلا ، حين أدناك اتخذوك قطبا تدور عليك رحى باطلهم ، وجسرا يعبرون عليك إلى بلائهم ، وسلما يصعدون فيك إلى ضلالهم ، يدخلون الشك بك على العلماء ، ويقتادون بك قلوب الجهلاء ، فما أيسر ما عمروا لك في جنب ما خربوا لك ، وما أكثر ما أخذوا منك فيما أفسدوا عليك من دينك . وروي عن محمد بن سلمة أنه قال : الذباب على العذرة أحسن من قارئ على باب هؤلاء الظلمة ، ورحم الله والدي كان يقول لي : ما أريد أن تصير من العلماء خشية أن تقف على باب الأمراء ( رواه ابن ماجه )




الخدمات العلمية