الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
الفصل الثالث

2692 - عن نافع ، أن ابن عمر وجد القر ، فقال : ألق علي ثوبا يا نافع ; فألقيت عليه برنسا . فقال : تلقي علي هذا وقد نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يلبسه المحرم ؟ . رواه أبو داود .

التالي السابق


الفصل الثالث

2692 - ( عن نافع ، أن ابن عمر وجد القر ) : بضم القاف وفتحها وتشديد الراء ، أي البرد مطلقا وقيل : يختص بالشتاء ( فقال : ألق ) : أمر من الإلقاء ، أي : اطرح ( علي ثوبا يا نافع ; فألقيت عليه برنسا ) أي : ثوبا ملتزق الرأس ( فقال : تلقي علي ) : بحذف الاستفهام الإنكاري ( هذا ) : أي : الثوب المخيط ( وقد نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يلبسه المحرم ) : فجعل طرحه عليه لبسا ، ومذهبنا أنه يحرم على المحرم لبس المخيط ، وتغطية بعض الأعضاء بالمخيط ، وغيره على الوجه المعتاد ، والمخيط هو الملبوس المعمول على قدر البدن ، أو قدر عضو منه بحيث يحيط به سواء بخياطة أو نسج أو لصق أو غير ذلك ، وتفسير لبس المخيط على وجه المعتاد أن لا يحتاج في حفظه إلى تكلف عند الاشتغال بالعمل ، وضده أن يحتاج إليه .

وقال ابن الهمام : ولبس المخيط أن يجعل بواسطة الخياطة اشتماله على البدن واستمساكه ، فأيهما انتفى لبس المخيط ، فإن أدخل منكبيه القباء دون أن يدخل يديه ، أو لبس الطيلسان من غير أن يزر عليه لا شيء عليه ، لعدم الاستمساك بنفسه ، فإن زر القباء أو الطيلسان يوما لزم دم لحصول الاستمساك بالزر مع الاشتمال بالخياطة ، بخلاف ما لو عقد الرداء أو شد الإزار بحبل كره له ذلك للتشبه بالمخيط ، ولا شيء عليه لانتفاء الاشتمال بواسطة الخياطة اهـ .

ولعل ابن عمر - رضي الله تعالى عنهما - كره ذلك للتشبه بالمخيط ، وأطلق اللبس على الطرح مجازا ، ويمكن أنه ألقى عليه على وجه : غطى رأسه ووجهه ، فأنكر عليه ، فعلى هذا معنى كلامه ألقى هذا الإلقاء ، والحال أنه - صلى الله عليه وسلم - نهى المحرم عن ستر الرأس وتغطيته ، والله - تعالى - أعلم . ( رواه أبو داود ) : ونقل العز بن جماعة عن تصريح الشافعي - رحمه الله ، واقتضاء كلام الأئمة الثلاثة أو بزوال العذر يجب النزع فورا . [ ص: 1854 ]



الخدمات العلمية