الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
272 - وعن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - ، قال : يا أيها الناس ! من علم شيئا فليقل به ومن لم يعلم فليقل : الله أعلم ، فإن من العلم أن تقول لما لا تعلم : الله أعلم : قال الله تعالى لنبيه قل ما أسألكم عليه من أجر وما أنا من المتكلفين متفق عليه .

التالي السابق


272 - ( وعن عبد الله ) : إذا أطلق فهو ابن مسعود ( قال : يا أيها الناس ! ) : يشمل العلماء وغيرهم ( من علم شيئا ) : من علوم الدين فسأله عنه من هو متأهل لفهم جوابه ( فليقل به ) : أي : بذلك الشيء المعلوم لوخيم عذاب ستره ولعظيم ثواب نشره ( ومن لم يعلم فليقل ) : أي : في الجواب ( الله أعلم ) : كما قالت الملائكة لا علم لنا إلا ما علمتنا ولا يستحيي في نفي العلم عن نفسه ، فإن جهل الإنسان أكثر من علمه ، قال تعالى : وما أوتيتم من العلم إلا قليلا فمعناه : الله أكثر علما . وقال ابن حجر : أعلم بمعنى عالم لاستحالة المشاركة . قلت : المشاركة الاستقلالية هي المستحيلة ، وذكر الزمخشري ، في الأبرار أن عليا - كرم الله وجهه - سئل عن شيء وهو على المنبر ؟ [ ص: 336 ] فقال : لا أدري : فقيل : كيف تقول لا أدري وأنت طلعت فوق المنبر ؟ فقال - رضي الله عنه - : إنما طلعت بقدر علمي ، ولو طلعت بمقدار جهلي لبلغت السماء ( فإن من العلم ) : أي : من آدابه الواجب رعايتها وجوبا عينيا متأكدا على كل من نسب للعلم أو التقدير ، فإنه من جملة العلم وهو خبر إن واسمه ( أن تقول لما لا تعلم ) : بالخطاب فيهما ، وقيل : بالغيبة أي لأجله أو عنه ( والله أعلم ) . أي : ونحوه . قال الأبهري : فإن تمييز المعلوم من المجهول نوع من العلم وهو المناسب لما قيل : لا أدري نصف العلم .

ويقال لمن ليس له هذا التمييز جهله مركب ، ومن ثم اشتد خوف السلف من الإفتاء فكثر امتناعهم منه حتى أن مالكا سئل عن أربعين مسألة فأجاب عن أربعة : وقال في ست وثلاثين : لا أدري . ثم استدل ابن مسعود لما ذكره من امتناع التكلف والتصنع في الجواب المؤدي إلى الإفتاء بالباطل بقوله : ( قال الله تعالى لنبيه ) وهو أعلم الخلق : ( قل ما أسألكم عليه ) : أي : على التبليغ ( من أجر ) : أي : آخذه منكم ( وما أنا من المتكلفين ) : أي : من الذين يتصنعون ويتحلون بما ليسوا من أهله ، كذا قاله ميرك شاه ، ومن ثم لما سئل الصديق عن الأب في : ( وفاكهة وأبا ) قال : أي سماء تظلني وأي أرض تقلني إذا قلت في كتاب الله ما لا علم لي به ( متفق عليه ) .




الخدمات العلمية