الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
2793 - وعن أبي قتادة - رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : " إياكم وكثرة الحلف في البيع ، فإنه ينفق ثم يمحق " . رواه مسلم .

التالي السابق


2793 - ( وعن أبي قتادة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : " وإياكم وكثرة الحلف في البيع " ) أي : اتقوا كثرتها ولو كنتم صادقين ، لأنه ربما يقع كذبا ، ولذا ورد : كفى بالمرء كذبا أن يحدث بكل ما سمع ، ويؤيده حديث : الراعي حول الحمى ، فقيد الكثرة احترازا عن القلة ، فإنه قد يحتاج إليه فلا يدخل التحذير ، ولذا جاء في بعض الطرق : رجل جعل الله بضاعته لا يشتري إلا بيمينه ولا بيع إلا بيمينه . وقال الطيبي - رحمه الله : إياكم منصوب على التحذير ، أي : قوا أنفسكم عن إكثار الحلف ، وإكثار الحلف عن أنفسكم كرره للتأكيد والتنفير ، والنهي عن كثرة الحلف فيه لا تقتضي جواز قلتها ، لأن النهي وارد على أهل السوق وعادتهم كثرة الحلف كقوله - تعالى : لا تأكلوا الربا أضعافا مضاعفة اهـ .

وفيه أن جواز قلتها مع صدقها مجمع عليها ، ( فإنه ) : أي إكثار الحلف ( ينفق ) : بتشديد الفاء المكسورة ، وفي نسخة بتخفيفها ، ونقل السيد جمال الدين ، عن زين العرب في شرحه قال شارح : وينفق من التنفيق أي [ ص: 1909 ] الترويج ، لا من الإنفاق ، ونص الشارح الأول على الراوية بضم الياء وسكون النون وتخفيف الفاء ، أي يروج المتاع ويكثر الرغبات فيه . ( ثم يمحق ) : بفتح فسكون ففتح أي : يذهب البركة ، وثم للتراخي في الزمان أي : ينفق حالا ويمحق مآلا ، كقول ابن مسعود في قوله - تعالى : يمحق الله الربا وإن كثر أو قل ، أو في الرتبة أي فمحقة أبلغ وأقوى ، والمراد من المحق عدم انتفاعه دينا ودنيا . ( رواه مسلم ) . وكذا أحمد ، والنسائي ، وابن ماجه .




الخدمات العلمية