الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
277 - وعن زياد بن لبيد - رضي الله عنه - ، قال : ذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - شيئا : فقال : ذاك عند أوان ذهاب العلم " قلت : يا رسول الله ! وكيف يذهب العلم ونحن نقرأ القرآن ونقرئه أبناءنا ويقرئه أبناؤنا أبناءهم إلى يوم القيامة ؟ فقال : ثكلتك أمك زياد ! إن كنت لأراك من أفقه رجل بالمدينة ! أوليس هذه اليهود والنصارى يقرءون التوراة والإنجيل لا يعملون بشيء مما فيهما ؟ ! " رواه أحمد وابن ماجه ، وروى الترمذي عنه نحوه .

التالي السابق


277 - ( وعن زياد بن لبيد ) : أنصاري ، خرج إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وأقام بمكة ، ثم هاجر مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وكان يقال له مهاجري أنصاري ( قال : ذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - شيئا ) : أي : هائلا ( فقال : ( ذلك ) : وفي نسخة : ذاك أي : الشيء المخوف يقع ( عند أوان ذهاب العلم ) : أي : وقت اندراسه ( قلت : يا رسول الله ! وكيف يذهب العلم ) : الواو للعطف أي : متى يقع ذلك المهول وكيف يذهب العلم ( ونحن نقرأ القرآن ونقرئه أبناءنا ويقرئه أبناؤنا أبناءهم إلى يوم القيامة ) : يعني : والحال أن القرآن مستمر بين الناس إلى يوم القيامة كما يدل عليه قوله تعالى : إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ولما أجمعوا على بقاء القرآن إلى أن يرفع قرب الساعة ، فالمعنى مع وجود كيف يذهب العلم ؟ ( فقال ( : ( ثكلتك أمك ) : أي : فقدتك وأصله الدعاء بالموت ثم يستعمل في التعجب ( زياد ! ) : أي : يا زياد ( إن كنت ) : إن مخففة من الثقيلة بدليل اللام الآتية الفارقة ، واسمها ضمير الشأن محذوف أي : إن الشأن كنت أنا ( لأراك ) : بضم الهمزة أي : لأظنك أو بفتحها أي : لأعلمك ( من أفقه رجل بالمدينة ! ) : ثاني مفعولي أراك ، ومن زائدة في الإثبات أي على مذهب الأخفش ، أو متعلقة بمحذوف أي كائنا كذا قاله الطيبي ، والأظهر الثاني ، ولا نظر لإفراد رجل لأن المراد به الاستغراق ( أوليس ) : أي : أتقول هذا الكلام وليس ( هذه اليهود والنصارى يقرءون التوراة والإنجيل ) : أي : آباؤهم وأبناؤهم ( ولا يعملون بشيء مما فيهما ؟ ) : أي : فكما لم تفدهم قراءتهما مع عدم العلم بما فيهما ، فكذلك أنتم ، والجملة حال من يقرءون أي يقرءون غير عالمين نزل العالم الذي لا يعمل بعلمه منزلة الجاهل ، بل منزلة الحمار الذي يحمل أسفارا ، بل أولئك كالأنعام بل هم أضل ( رواه أحمد ، وابن ماجه ) : بهذا اللفظ ( وروى الترمذي عنه ) : أي : عن زياد ( نحوه ) : أي : نحو هذا اللفظ وهو معناه .




الخدمات العلمية