الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
2886 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " الظهر يركب بنفقته إذا كان مرهونا ، ولبن الدر يشرب بنفقته إذا كان مرهونا ، وعلى الذي يركب ويشرب النفقة . رواه البخاري .

التالي السابق


2886 - ( وعن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " الظهر " ) أي ظهر الدابة وقيل : الظهر الإبل القوي يستوي فيه الواحد والجمع ولعله سمي بذلك لأنه يقصد لركوب الظهر ( يركب ) بصيغة المجهول ( بنفقته ) أي بسببها أو بمقدارها . قال ابن الملك : أي جاز للراهن أن يركبه ويحمل عليه حمله بسبب أن علفه عليه ، وبه قال أبو حنيفة والشافعي رحمهم الله بدليل أنه لو مات العبد المرهون كفنه المالك ( ولبن الدر ) أي ذات الدر والمعنى أن اللبن ( يشرب بنفقته ) أي يشربه المنفق عليها ( إذا كان مرهونا ، وعلى الذي يركب ويشرب النفقة ) قال ابن الملك : فيه أن دوام قبض المرهون ليس بشرط في الرهن لأنه لا يركبه المالك إلا وهو خارج عن قبض المرهون . قال الطيبي - رحمه الله - وظاهر الحديث أن المرهون لا يحمل ومنافعه لا تعطل بل ينبغي أن ينتفع به وينفق عليه وليس فيه دلالة على أن من له غنمه عليه غرمه ، والعلماء اختلفوا في ذلك ، فذهب الأكثرون إلى أن منفعة الرهن للراهن مطلقا ونفقته عليه ؛ لأن الأصل له ، والفروع تتبع الأصول ، والغرم بالغنم بدليل أنه لو كان عبدا فمات كان كفنه عليه ، ولأنه روى ابن المسيب عن أبي هريرة أنه - صلى الله عليه وسلم - قال : " لا يغلق الرهن من صاحبه الذي رهنه ، له غنمه وعليه غرمه " وقال أحمد وإسحاق : للمرتهن أن ينتفع من المرهون بحلب وركوب دون غيرهما ويقدر بقدر النفقة ، واحتجا بهذا الحديث ، ووجه التمسك به أن يقال : دل الحديث بمنطوقه على إباحة الانتفاع في مقابلة الإنفاق ، وانتفاع الراهن ليس كذلك لأن إباحته مستفادة له من تملك الرقبة لا من الإنفاق ، وبمفهومه على أن جواز الانتفاع مقصور على هذين النوعين من المنفعة ، وجواز انتفاع الراهن غير مقصور عليهما ، فإذا المراد به أن للمرتهن أن ينتفع بالركوب والحلب من المرهون بالنفقة ، وأنه إذا فعل ذلك لزمه النفقة ، وأجيب عن ذلك بأنه منسوخ بأنه من الربا فإنه يؤدي إلى انتفاع المرتهن بمنافع المرهون بدينه ، وكل قرض جر نفعا فهو ربا ، والأولى أن يجاب بأن الباء في بنفقته ليست للبدلية بل للمعية ، والمعنى أن الظهر يركب وينفق عليه فلا يمنع الرهن الراهن من الانتفاع بالمرهون ، ولا يسقط عنه الإنفاق كما صرح به في الحديث الآخر . ( رواه البخاري ) .

[ ص: 1949 ]



الخدمات العلمية