الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
3026 - وعن أنس قال : لما قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة أتاه المهاجرون قالوا : يا رسول الله ما رأينا قوما أبذل من كثير ولا أحسن مواساة من قليل من قوم نزلنا بين أظهرهم لقد كفونا المؤنة وأشركونا في المهنأ حتى لقد خفنا أن يذهبوا بالأجر كله ، فقال : لا ما دعوتم الله لهم وأثنيتم عليهم . رواه الترمذي وصححه .

التالي السابق


3026 - ( وعن أنس قال : لما قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة ) أي : حين جاءها أول قدومه ( أتاه المهاجرون ) أي : بعد ما قام الأنصار بخدمتهم وإعطائهم أنصاف دورهم وبساتينهم إلى أن بعضهم طلق أحسن نسائه ليتزوجها بعض المهاجرين كما أخبر الله تعالى عنهم بقوله : ( والذين تبوءوا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ) ( فقالوا ) أي : المهاجرون ( يا رسول الله ما رأينا قوما أبذل من كثير ) أي : من مال ( ولا أحسن مواساة من قليل ) أي : من مال قليل ( من قوم نزلنا بين أظهرهم ) أي : عندهم وفيما بينهم والمعنى أنهم أحسنوا إلينا سواء كانوا كثيري المال أو فقيري الحال ، قال الطيبي - رحمه الله - : الجاران أعني قوله من قليل هو المفضل والمراد بالقوم الأنصار وإنما عدل عنه إليه ليدل التنكير على التفخيم فيتمكن من إجراء الأوصاف التالية عليه بعد الإبهام ليكون أوقع لأن التبيين بعد الإبهام أوقع في النفس وأبلغ ( لقد كفونا ) من الكفاية ( المؤنة ) أي : تحملوا عنا مؤنة الخدمة في عمارة الدور والنخيل وغيرهما ( وأشركونا ) أي : مثل الإخوان ( في المهنأ ) بفتح الميم والنون وهمز في آخره ما يقوم بالكفاية في إصلاح المعيشة ، وقيل : ما يأتيك بلا تعب ، قال ابن الملك : والمعنى أشركونا في ثمار نخيلهم وكفونا مؤنة سقيها وإصلاحها وأعطونا نصف ثمارهم ، وقال القاضي : يريدون به ما أشركوهم فيه من زروعهم وثمارهم ( لقد ) وفي نسخة صحيحة : حتى لقد ( خفنا أن يذهبوا ) أي : الأنصار ( بالأجر كله ) أي : بأن يعطيهم الله أجر هجرتنا من مكة إلى المدينة وأجر عبادتنا كلها من كثرة إحسانهم إلينا ( قال : لا ) أي : يذهبون بكل الأجر فإن فضل الله واسع فلكم ثواب العبادة ولهم أجر المساعدة ( ما دعوتم الله لهم وأثنيتم عليهم ) أي : مادمتم تدعون لهم بخير فإن دعاءكم يقوم بحسناتهم إليكم ، وثواب حسناتكم راجع عليكم وقال الطيبي - رحمه الله - : يعني إذا حملوا المشقة والتعب على أنفسهم وأشركونا في الراحة والمهنأ فقد أحرزوا المثوبات فكيف نجازيهم ؟ فأجاب : لا ، أي : ليس الأمر كما زعمتم فإنكم إذا أثنيتم عليهم شكرا لصنيعهم ودمتم عليه فقد جازيتموهم ( رواه الترمذي وصححه ) .

[ ص: 2013 ]



الخدمات العلمية